أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره (١). قال عمر: أشهدُ أن مَنْ كان عدوًا لهما كان عدوًا لله تعالى، وانصرف إلى رسول الله - عليه السلام - ليخبره الخبرَ، فإذا بجبريل - عليه السلام - قد سبقه بالوحي، وقرأ النبيُّ - عليه السلام - القرآنَ، فقال: والذي بعثكَ بالحقِّ ما جئتُ إلا لأخبركَ، قال - عليه السلام -: "لقد وافقك ربُّك يا عمر" قال عمر: لقد رأيتني بعد ذلك في دينِ اللهِ أصلب من الحجر.
وقيل: زعم ابن صُوريا أن جبريلَ عدوهُم لأنَّه حالَ بينهم وبين قتل بختنصر إذ هو صبي، ليتمَّ أمرُ الله فيه وفيهم، فأنزل اللهُ هذه الآية (٢).
وبعد الشرط إضمارٌ، تقديره: مَنْ كان عدوًا لجبريلَ كان عدوًا لله، وقد أُظهر هذا المعنى في الشرط الثاني، ويجوز أنْ يجعل (فإنه) جوابًا للشرط مجازًا من غير تقدير إضمار (٣)، كقوله: ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١١٨)﴾ (٤).
وفي ضمير الهاء في (فإنَهُ) ثلاثة أقوالٍ: راجعٌ إلى المضمر، وهو اسم الله تعالى، أو إلى إيل وهو اسم الله تعالى أيضًا (٥) بالعبرانية، أو إلى جبريل. وفي ضمير الهاء في ﴿نَزَّلَهُ﴾ قولان (٦)، راجعٌ إلى جبريل أو إلى القرآن.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (١٤/ ٢٨٥)؛ وابن أبي حاتم (١/ ١٨١)؛ والطبري (٢/ ٢٩١) بلفظ يختلف قليلًا عن اللفظ الذي ذكره المؤلف.
(٣) الأظهر - والله أعلم - أنه لا يجوز أن يكون ﴿فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ﴾ جوابًا للشرط لوجهين، أحدهما من جهة المعنى، والثاني من جهة الصناعة الإعرابية.
أما الأول: فلأنَّ فعل التنزيل متحقق المُضيِّ، والجزاء لا يكون إلا مستقبلًا.
وأما الثاني: فلأنه لا بد في جملة الجزاء من ضمير يعود على اسم الشرط فلا يجوز: من يقُمْ فزيدٌ منطلقٌ ولا ضمير في قوله: ﴿فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ﴾ يعود على "مَنْ" فلا يكون جوابًا للشرط.
[القرطبي (٢/ ٣٨) - البحر (١/ ٣١٨ - الدر المصون (٢/ ٢٣)].
(٤) سورة المائدة: ١١٨.
(٥) (أيضًا) ليست في "أ".
(٦) (قولان) ليست في "أ".