العهود، قيل هو: عهود أنبيائهم من طاعة هارون عند الميقات، ومحافظة السبت، وأن لا يرفعوا طعامَ يومين في التيه، وأن يتوبوا، وأن يؤمنوا بعيسى ونبينا - عليه السلام -. [وقيل هو: هَمُّهم بقتل النبي - عليه السلام - وشَتمُهُم إياه وإرجافهم في المدينة] (١). وإيمانهم وجه النهار مع كفرهم (٢) في آخره ومعاونتهم الأحزاب يوم أُحُد (٣).
والاستفهام للإنكار وكأنهم تبرؤوا من البعض (٤) وقالوا: إنما نقض فريقٌ منا فكذَّبهُمُ الله في تبريهم وقال: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾.
وقيل: أنكروا على فريقٍ منهم نقضَ العهد، أَتَى بقوله: ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ لئلا يوهم أَنَّ كُلَّ مَنْ لم ينقضِ العهدَ منهم محمودٌ والواو للاستئناف، ويحتمل اللفظ على ما سبق من قصة اليهود. وإنما جَوَّزَ دخول ألف الاستفهام على الواو لأنها أبدًا تلي صدر الكلام سواء وَليَهَا اسمٌ أو فعلٌ أو حرفٌ فكذلك مع الواو (٥).
والنَّبْذُ هو: الطرح، والانْتِبَاذُ: التنحي، والمنبوذ: اللقيط (٦).

(١) ما بين [...] ليست في "ب".
(٢) (كفرهم) ليست في "ب".
(٣) ورد عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في هذه الآية: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا...﴾ الآية قال: قال مالك بن الضيف حين بُعِثَ رسولُ الله - ﷺ - وذكر لهم ما أُخذ عليهم من الميثاق وما عهد اللهُ إليهم فيه: والله ما عهد الله إلينا في محمد - ﷺ - عهدًا وما أخذ له علينا ميثاقًا، فأنزل الله جلَّ ثناؤه: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ...﴾ الآية. [أخرجه
الطبري (٢/ ٣٠٨)؛ وابن أبي حاتم (١/ ١٨٣)].
(٤) في "ي" "ن": (النقض) والمثبت أقرب للصواب.
(٥) قال الأخفش في قوله تعالى: ﴿أَوَكُلَّمَا﴾: الواو زائدة دخلت عليها ألف الاستفهام، ومذهب الكسائي أنها "أو" حركت الواو منها. ومذهب سيبويه أنها واو العطف. قال ابن جرير الطبري: والصواب عندي أنها واو عطف أُدْخِلَتْ عليها ألفُ الاستفهام ولا يجوز أن تكون الواو زائدة لا معنى لها، إذ غير جائز أن يكون في كتاب الله حرف لا معنى له.
[الطبري (٢/ ٣٠٧) - إعراب القرآن للنحاس (١/ ٢٠٣) - إعراب القرآن لمحمود صافي (١/ ٢١١)].
(٦) الانتباذ والمنابذة: هو تحيز كل واحد من الفريقين في الحرب، بأن تكون بين فئتين =


الصفحة التالية
Icon