(أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)
معنى قول القائل (١) عند القراءة (٢): (أعوذ بالله) (٣)، أي: ألوذ بالله، تقول: عذتُ، أي: لُذتُ. وا لأحسن أنَّ وزن (الشيطان): فيعال كالبَيْطَار (٤). وهو من الشّطن، وهو: البعد. ويقال: هو الحبل الطويل المضطرب، فكأنَّه سُمِّي بذلك لأنه تباعد عن الخير وطالَ واضطرب (٥). ويقال: فعلان، مِنْ شاط السَّمن: إذا نضج وكاد يحترق (٦).

(١) (القائل) مطموسة في "أ".
(٢) (القراءة) مطموسة في "ي" و (أ).
(٣) (بالله) مطموسة في "ي".
(٤) البيطار هو معالج الدواب. (اللسان- بطر).
(٥) هذا القول بنصه موجود في "الغريبين" للهروي (١/ ٤٣٠) وهو قول ابن عرفة ونفطويه.
(٦) نقلت كتب التفسير هذين القولين في اشتقاق كلمة الشيطان، ولشيخ الإسلام ابن تيمية كلام جميل أحببت نقله يقول: "قال الخليل بن أحمد: كل متمرد عند العرب شيطان. وفي اشتقاقه قولان أصحهما أنه من شَطَنَ يشطن إذا بعد عن الخير، والنون أصلية. قال أمية بن أبي الصلت في صفة سليمان -عليه السلام -:
أيّما شاطنٍ عصاه عكاه ثم يلقى في السجن والأغلال
عكاه: أوثقه. وقال النابغة:
نأت بسعاد عنك نوى شطوت فبانت والفؤاد بها رهين
ولهذا قرنت به اللعنة؛ فإن اللعنة هي البعد عن الخير، والشيطان بعيد من الخير، فيكون وزنه "فيعالا" و"فيعال" نظير "فعَّال"، وهو من صفات انمبالغة، مثل القيَّام والقوَّام، فالقيَّام "فيعال"، والقوام "فعَّال" مثل العيَّاذ والعوّاذ. وفي قراءة عمر: ﴿الحيّ القيام﴾ فالشيطان المتصف بصفة ثابتة قوية في كثرة البعد عن الخير، بخلاف من بعد عنه مرة وقرب منه أخرى؛ فإنه لا يكون شيطانًا. ومما يدلُّ على ذلك قولهم: تشيطن شيطنة، ولو كان من شاط يشيط لقيل: تشيط يتشيط. والذي قال: هو من شاط يشيط إذًا احترق والتهب، جعل النون زائدة، وقال: وزنه فعلان. كما قال الشاعر:
وقد يشيط على أرماحِنا البَطَلُ
وهذا يصح في الاشتقاق الأكبر الذي يعتبر فيه الاتفاق في جنس الحروف... " إلى أن قال: "وعلى هذا فالشيطان مشتقٌّ من شطن، وعلى الاشتقاق الأكبر هو من باب شاط يشيط؛ لأنهما اشتركا في الشين والطاء والنون والياء متقاربتان "اهـ. [منهاج السنة (٥/ ١٩٠ - ١٩٣)].


الصفحة التالية
Icon