كما يقال في اليمين بالله، أي: أحلف بالله (١)، ويُراد بالاسم التسمية، وهي الذّكر دون المُسَمَّى (٢) وهو المذكور. ﴿اللهِ﴾ اسمه الذي لا يَشركُهُ في التسمِّي به غيره. وهو غير مشتقٍّ عند محمَّد بن الحسن (٣). وقيل:

(١) كتب في هامش النسخة "ي": (الباء في "بسم الله" متعلقة بمحذوف والمحذوف مبتدأ والجار والمجرور خبره، والتقدير: ابتدائي باسم الله، أي: كائن، فالباء متعلقة بالكون والاستقرار....) اهـ.
وذكر شيخنا العلامة محمَّد بن صالح العثيمين -رحمه الله - في تفسيره فائدتين لحذف المتعلق وتقديره متأخرًا:
الأولى: التبرك بتقديم اسم الله - عَزَّ وَجَلَّ -.
والثانية: الحصر؛ لأن تأخير العامل يفيد الحصر.
ويرى شيخنا العثيمين - رحمه الله - أن العامل المقدر هو فعل لأن الأصل في العمل الأفعال، ويقدر بما يناسب المقام، ولذا قال عليه الصلاة والسلام: "من لم يذبح فليذبح باسم الله" [أخرجه البخاري: كتاب العيدين- ٢٣)، ومسلم: كتاب الأضاحي (١/ ١٠٢٧)،] اهـ. [تفسير القرآن الكريم- الفاتحة (٤١١)].
وقدَّرها ابن جرير الطبري [التفسير (١/ ١٣) - تفسير البسملة]: أبدأ بتسميته أو أقرأ بتسميته أو أقوم بتسميته أو أقعد بتسميته -أي: بما يناسب المقام. اهـ.
ونحاة البصرة يرون أن متعلق الجار والمجرور هو اسم تقديره أبتدائي مستقر أو ثابت باسم الله. أما نحاة الكوفة فيرون أن متعلق الجار والمجرور هو فعل تقديره: أبتدىء باسم الله. [الجواهر الحسان في تفسير القرآن- الثعالبي (١/ ٣٧)].
ويرى الفَرَّاء أن الباء وما بعدها في موضع نصب، والتقدير: ابتدأتُ باسم الله أو أَبدَأُ باسم الله [معاني الفراء (١/ ٢)].
وقال علي بن حمزة الكسائي: الباء لا موضع لها من الإعراب، وهو الذي رجحه أبو جعفر النحاس في "إعراب القرآن" (١/ ١١٦) على أن (اسم) مخفوض بالباء الزائدة.
(٢) لعل هذه أول ملاحظة تجلي لنا عقيدة المؤلف الاعتزالية من خلال تبنِّيه مذهب المعتزلة في هذه المسألة- مسألة "هل الاسم هو المسمى أو غيره"، مع أن الجرجاني يصنف أنه أشعري المعتقد فمذهب المعتزلة أن الاسم غير المسمى وهو نفس التسمية. وكما قال الحافظ ابن كثير أن ما ذهب إليه المعتزلة من هذا القول هو عبث على جميع التقديرات، والذي عليه أهل السُّنة أن الاسم هو المسمى وهو ما ذهب إليه أبو عبيدة وسيبويه، واختاره الباقلاني وابن فورك وغيرهم [تفسير ابن كثير (١/ ٢٩) - تفسير البسملة].
(٣) هو أبو جعفر ابن أبي سارة الرؤاسي شيخ الكسائي والفراء، وأول مَنْ وضع كتابًا في النحو في الكوفة. ومن مؤلفاته: "معاني القرآن"، مات سنة (١٨٧ هـ) وقيل سنة (١٩٣ هـ) [الموسوعة الميسرة - وليد الحسين وآخرون (٣/ ٢٠٢٤)].


الصفحة التالية
Icon