معناه ﴿الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ (١)﴾ [النساء: ١٦٢] (الرسوخ): الغاية في الثبوت، وفي الحديث: "الإيمان راسخ بالقلب مثل الجبال الرواسي (٢) " (٣).
﴿رَبِّنَا﴾ محمول على ﴿آمَنَّا﴾، أي: يقولون (٤): ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا﴾ أي: لا تخذلنا ولا تمسك عنّا (٥) توفيقك وتزيغ قلوبنا، وقيل: لا تعاقبنا على ذنوبنا على إزاغة قلوبنا (٦)، وقيل: لا تكلفنا البحث عن المتشابه فتفرق (٧) بنا الأهواء، ﴿وَهَبْ لَنَا﴾ أي: أعطنا، وإنّما عبر عن الإعطاء بالهبة؛ لأنّه تمليك بغير بدل، ﴿مِنْ لَدُنْكَ﴾ مِنْ عندك وكل ما هو في الغيب أو كان شأنه موقوفًا على حكم الله تعالى، يقال: هو عند الله؛ لأنّه لا سبيل لغيره إليه بوجه ما، ﴿رَحْمَةً﴾ نَعمة وهي الهدى أو العافية أو الجنة دون اتصاف الرحمن برحمته (٨).
﴿لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ لشأن يوم (٩) أو إلى يوم، ويحتمل أنّ اللام هي التي تدخل في التواريخ، و (الجمع) ضمّ أحد المفردين إلى الآخر، ﴿لَا

(١) في الأصل و"ي" "أ": (بالعلم).
(٢) في "ب": (الجبل الراسي) وهو خلاف الحديث.
(٣) لعله يشير إلى حديث: "إن من أمتي رجالًا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي". أخرجه الطبري محمَّد بن جرير في التفسير (٥/ ١٦٠ - ١٦١) عن أبي إسحاق السبيعي مرسلًا.
(٤) في "ي" والأصل: (ويقولون).
(٥) في "أ": (عتابه) وهو خطأ.
(٦) من قوله (وقيل.... إلى: قلوبنا) ساقطة من "أ".
(٧) في "أ": (فيفترق).
(٨) ما ذكره المؤلف من تأويل صفة الرحمة هو وفق ما سار عليه من تأويل الصفات بما يتوافق مع مذهب الأشاعرة الذي التزمه في تفسيره هذا كما مرَّ علينا. وأما ما يتعلق بهذه الصفة - صفة الرحمة - ونفيه لها وأن الله لا يتَّصف بها لأنها تقتضي الرقة - على حد زعم الأشاعرة -، فقد وقد ردَّ هذا التأويل ابن القيم - كما في "مختصر الصواعق المرسلة" (٢/ ١٢١) - فقال: إن الله فرق بين رحمته ورضوانه وثوابه فقال: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ...﴾ [التوبَة: ٢١] وهذا يبطل من جعل الرحمة رضوانًا أو إرادة الإحسان، بل الإحسان والرضوان والثواب هي من لوازم الرحمة.
(٩) في الأصل: (لشأن توهم) وهو خطأ.


الصفحة التالية
Icon