﴿فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ﴾ ندب كقوله: ﴿وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢]. ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ كافيًا من شاهد، وقيل: محاسبًا لكم على أعمالكم إن أشهدتم أو لم يشهدوا.
﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ﴾ نزلت في رفع حكم الجاهلية، كانت العرب لا تورث إلا من يطاعن ويحمي المال. وكانت الفلاسفة تورث الإناث دون الذكور فأبطل الله حكمها، والسبب في نزولها روي أن رجلًا توفي عن امرأة وبنات وأخوين، فأراد الأخوان أن يذهبا بالمال فجاءت المرأة ورفعت بحال (١) البنات إلى رسول الله - ﷺ - (٢)، فأنزل الله تعالى الآية، فدعاهما رسول الله - ﷺ - (٣) وتلا عليهما فقالا: أنورث من لا يطاعن بالرمح ولا يذود عن المال؟! فقال - عليه السلام -: "أعطيا البنات الثلثين والزوج الثمن" يعني أمهما "وما بقي فلكما" قال: فمن يلي أموالهن يا رسول الله؟ قال: "أنتما" (٤).
وقوله: ﴿مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ﴾ بدل (٥) عن قوله: ﴿مِمَّا تَرَكَ﴾ منه لتبيين الجنس. ﴿نَصِيبًا﴾ نصبه على الحال (٦). ﴿أُولُو الْقُرْبَى﴾ ورثة الرجل من غير أولاده. ﴿وَالْيَتَامَى﴾ أولاده لأنهم أكثر مما يبقون صغارًا يتامى (٧)

(١) في "ب": (حال).
(٢) و (٣) (- ﷺ -) من "ب".
(٤) ورد سبب النزول هذا عند أبي الشيخ عن ابن عباس كما في الدر المنثور (٤/ ٢٤١)، وأورده ابن حجر في العجاب (٢/ ٨٣٤) عن الثعلبي وهي عند الواحدي في "أسباب النزول" (١٣٧ - ١٣٨).
وأورده مختصرًا ابن جرير (٦/ ٤٣٠)، وابن المنذر (١٤٠٤)، وابن أبي حاتم (٤٨٤٤).
(٥) ويجوز في قوله: (قَلَّ أو كَثُرَ) أن يكونا منصوبين على الحال من الضمير المحذوف في قوله: ﴿تَرَكَ﴾ والتقدير: تركه قليلًا أو كثيرًا، ذكر السمين الحلبي.
[الدر المصون (٣/ ٥٨٨)].
(٦) قاله أبو إسحاق الزجاج وتبعه أبو جعفر النحاس، وقال الأخفش والفراء: هو مصدر كما تقول: فرضًا، ولو كان غير مصدر لكان مرفوعًا على النعت لـ "نصيب".
[معاني القرآن للزجاج (٢/ ١٥)، معاني القرآن للفراء (١/ ٢٥٧)، إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس (٢/ ٣٩٧)].
(٧) في "أ": (اليتامى).


الصفحة التالية
Icon