الكتابيات حرائِرهن وإمائِهن، لا في قصر الإباحة على المؤمنات، و (الطول) الفضل والغنى منصوب على التفسير (١) للاستطاعة المنفية، وعن إبراهيم النخعي أن المراد به الهوى (٢)، والتقدير: من لم يكن عنده قصد ورأي وحزم لمصَائر الهوى وبصبر عن الإماء ﴿أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ﴾ الحرائِر ﴿فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ فليتزوج مما ملكت أيمانكم من الإماء ﴿مِنْ فَتَيَاتِكُمُ﴾ إمائكم المؤمنات، والفتاة: الشابة في اللغة، وقال - عليه السلام -: "لا يقولنَّ أحدكم عبدي وأمتي بل يقول فتاي وفتاتي أو غلامي وجاريتي فإنكم كلكم عبيد والرب واحد" (٣). وعدم الطول ليس بشرط في جواز نكاح الإماء المؤمنات ولكنه مندوب إليه بقول علي - رضي الله عنه -: "إذا تزوج الحرة على الأمة قسم للأمة الثلث وللحرة الثلثين" (٤). وقال جابر بن عبد الله: "لا تنكح الأمة على الحرة وتنكح الحرة على الأمة والله أعلم" (٥).
﴿بِإِيمَانِكُمْ﴾ يريد الأخذ بالظاهر وكون الحقيقة إلى الله تعالى ﴿بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ أي: الأحرار والعبيد والحرائر والإماء، بعضهم من بعض في باب الإِسلام والشريعة والموالاة ﴿فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ﴾ يفيد وقوف العبد على إجازة المولى بخلاف العقد على الحرائر ﴿مُحْصَنَاتٍ﴾ مزوجات

(١) في نصب "طولًا" ثلاثة أوجه إعرابية:
الوجه الأول: أنه مفعول به لـ "يستطع" وهذا الذي رجحه السمين الحلبي في تفسيره.
والوجه الثاني: أن يكون مفعولًا له على حذف مضاف والتقدير: ومن لم يستطع منكم لعدم طول نكاح المحصنات.
والوجه الثالث: أن يكون منصوبًا على المصدر وهذا اختيار ابن عطية ويكون العامل فيه الاستطاعة لأنهما بمعنى.
[الدر المصون (٣/ ٦٥٣)، المحرر (٤/ ٨٣)].
(٢) ذكره عن إبراهيم النخعي القرطبي (٣/ ١٣٧)، وهو مروي عن جابر بن عبد الله كما في الطبري (٦/ ٥٩٣، ٥٩٤)، وابن المنذر (١٦٠٩)، ورواه ابن أبي حاتم (٥١٤٠) عن ربيعة.
(٣) أصل الحديث في صحيح البخاري (٢٤١٤)، ومسلم (٢٢٤٩) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
(٤) الدارقطني (٣/ ٢٨٥)، وسعيد بن منصور في سننه.
(٥) عبد الرزاق في مصنفه (١٣٠٨٩).


الصفحة التالية
Icon