والاعتداء. ولو بقيت الكبائر لخصها الناس بالاجتناب وارتكبوا سائر المناهي اتكالًا على هذه الشريطة، ولو ارتكبوا لبطل التفاضل بالورع (١).
﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا﴾ نزلت في أم سلمة قالت: الجهاد كتب علينا فنصيب من الثواب ما يصيبه الرجال (٢)، عن مجاهد، وقيل: تمنى الرجال أن يزادوا في ثواب الآخرة كما زيدوا في الميراث في الدنيا (٣)، وقيل: حسد الناس بعضهم بعضًا فنهوا عن ذلك. ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ﴾ أي: لكل واحد [من الفريقين نصيب من قضية ما كسبوا من أجل كسبه، ويحتمل أن معناه لكل واحد] (٤) من الفريقين حظ في الدنيا إذ جميع كسب الإنسان ربما لا يكون رزقًا وإنما يجمع لغيره ﴿وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ﴾ إبدال عن المنهي عنه، أي: سلوا من فضله مكان ما كنتم تمنون، وقيل في الزبور: يا ابن آدم لا تقل: اللَّهم ارزقني مال فلان، ولكن قل: اللَّهم ارزقني مثل مال فلان ﴿عَلِيمًا﴾ أخبر عن معلومة من أنصباء الرجال والنساء.
تقدير الآية: ولكلِّ شيء مما (٥) ترك الوالدان والأقربون ﴿وَالَّذِينَ

(١) ذكر العلماء في حد الكبيرة عدة تعاريف. ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري جملة من هذه التعاريف منها قول الرافعي: "هي الموجبة للحد"، وقول البغوي: "هي ما يلحق الوعيد بصاحبه بنص كتاب أو سنة".
وقول العز بن عبد السلام: "كل ذنب قُرنَ به وعيد أو لعن". ثم قال الحافظ ابن حجر: ومن أحسن التعاريف قول القرطبي: كل ذنب أطلق عليه بنص كتاب أو سنة أو إجماع أنه كبيرة أو أخبر فيه بشدة العقاب، أو علق عليه الحد أو شدد النكير عليه فهو كبيرة.
[فتح الباري (١٢/ ١٨٣)].
(٢) رواه عبد الرزاق في تفسيره (١/ ١٥٦)، وسعيد بن منصور (٦٢٤ - تفسير)، والترمذي (٣٠٢٢)، وابن جرير (٦/ ٦٦٤)، وابن المنذر (١٦٧٧)، وابن أبي حاتم (٥٢٢٤، ٥٢٢٥)، والحاكم (٢/ ٣٠٥، ٣٠٦)، والبيهقي (٩/ ٢١) وهو صحيح عن أم سلمة مرفوعًا قالت: يا رسول الله لا نُعْطَى الميراث ولا نغزو في سبيل الله؟! فنزلت {وَلَا تَتَمَنَّوْا...﴾ الآية.
(٣) رواه الطبري (٦/ ٦٦٤) وهو مروي عن قتادة كما عند ابن جرير (٦/ ٦٦٧، ٦٦٨).
(٤) ما بين [...] سقط من "ب".
(٥) في "أ" والأصل: (ما).


الصفحة التالية
Icon