من اعتبار حادثة علي، فإنْ قيل: لم لا تحملونه عليهما جميعًا (١)؟ قلنا (٢): لامتناع حمل اللفظ الواحد على الحقيقة والمجاز في حالة واحدة، فإنْ قيل: كيف حملتم قوله: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ﴾ [النساء: ٢٢] على العقد والوطء جميعًا، قلنا (٣): لأنه حقيقة فيهما كأسهم الإخوة في حجب الأم والمعنى المفسد عدم منه. ﴿وَأَنْتُمْ سُكَارَى﴾ الواو للحالى و (سكارى) جمع سكران، وقيل: الجمع سكرى، وسكارى جمع الجمع ﴿حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ﴾ يفيد القضاء عند الصحو ﴿وَلَا جُنُبًا إ﴾ أي: ولا مجنبين، و (الجنب): واحد وجمع إذا كان نعتًا لاسم، يقال: رجل جنب وامرأة جنب وقوم جنب، وإن أقمته مقام الاسم ثنيت وجمعت. وإنما استثنى ﴿عَابِرِي سَبِيلٍ﴾ لضرورة، قال إبراهيم: هو أن لا يجد طريقًا غيره (٤)، وقيل: هو أن لا يصل إلى الماء الآية فيتيمم ويدخل ﴿حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ مقدم على الاستثناء في التقدير ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ بحال تخافون زيادة المرض باستعمال الماء. وقال ابن عباس: هو صاحب الجدري وصاحب القرحة.
﴿أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ إن كنتم مسافرين ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ﴾ أي: رجع عن قضاء الحاجة. و (الغائط): اسم للمكان المنخفض (٥). و (اللمس): كناية عن الجماع؛ عن علي وابن عباس وأبي موسى الأشعري (٦)، ولأنّه لمس مطلق. والمراد بالماء: الماء الشرعي دون

(١) (جميعًا) ليست في "ب".
(٢) في "ب": (قلت).
(٣) في "ب": (قلت).
(٤) الطبري (٧/ ٥٨).
(٥) ولذا فَسَّر مجاهد "الغائط" بأنه الوادي. أخرجه ابن جرير في تفسيره (٧/ ٦٣).
(٦) أما عن علي فقد رواه ابن أبي شيبة (١/ ١٦٦)، وابن جرير (٧/ ٦٧، ٦٨)، وابن المنذر (١٨٢٠).
وأما عن ابن عباس فرواه عبد الرزاق في مصنفه (٥٠٦)، وسعيد بن منصور (٦٤٠ - تفسير)، وابن أبي شيبة (١/ ١٦٦)، وابن جرير (٧/ ٦٣ - ٦٧)، وابن المنذر في التفسير (١٨١٩)، وفي الأوسط (١/ ١١٦).
وأما عن أبي موسى فلم أجده.


الصفحة التالية
Icon