الأنباط أنباطًا لعلمهم باستخراج المياه (١)، والقليل مستثنى من المذيعين، وقيل: من معلوم المستنبطين. ﴿فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ﴾ الكتاب والرسول، أو بعض أسباب التوفيق مما استغنى عنه الخاصّة (٢) دون العامة كانشقاق القمر والفتح فعل هذا القليل مستثنى من المتبعين للشيطان فإن عمرو (٣) بن زيد وزريبًا وقسًا (٤) آمنوا من غير كتاب ورسول، وأبو بكر وعلي وزيد بن حارثة آمنوا قبل انشقاق القمر، والمهاجرون والأنصار آمنوا قبل الفتح.
﴿فَقَاتِلْ﴾ الفاء جواب الشرط وهو قوله: ﴿وَمَنْ تَوَلَّى﴾ [النساء: ٨٠] ويحتمل التعقيب، هذا الأمر، الأمر بالتوكل (٥) تقديره: وتوكل على الله فقاتِل، أو التعقيب الكلام الكلام والآية الآية ﴿لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ﴾ يعني التكليف عنه، تقديره: أنك لا تكلف إلا فعل نفسك، حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، أي: لا تأخذ بتكليف غيرك وإن كانوا مكلفين مثلك، وقيل: لا تكلف نفس إلا نفسك، وهذا بعيد لأنه لو كان كذلك لضم نفسك، ثم حملناه على التكليف الضروري دون الشرعي ﴿وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ حثهم على القتال ﴿عَسَى﴾ من الله إيجاب منه لأن التكريم يصدق في التطميع ولأنه تقوية لأحد الموهومين المختلفين على الآخر بالقول، فصار كالأمر باعتقاد أحدهما وذلك لا يكون إلا بالواجب، ﴿بَأْسَ﴾ شدة الإصابة والامتناع ﴿تَنْكِيلًا﴾ فعل النكال (٦).

= قريبٌ ثَراهُ ما ينال عَدُوُّهُ له نَبَطًا، آبي الهوانِ قَطُوبُ
[اللسان "نبط"- الأصمعيات (ص ١٠٣)، البحر (٣/ ٤٠٣)].
(١) قريبًا من هذا المعنى عند القرطبي (٥/ ٢٩١)، وابن الجوزي كما في "زاد المسير" (٢/ ١٤٧).
(٢) في الأصل: (للخاصة).
(٣) في "ب": (عمر).
(٤) في الأصل: (وفتيا).
(٥) في "ب": (الأمر بالتوكيل).
(٦) أي أنه مصدر من قولك: نكلت بفلان، فأنا أُنَكِّل به تنكيلًا إذا أوجعته عقوبة. والمعنى: والله أشد نكاية في عدوه من أهل الكفر به، منهم فيك يا محمَّد وفي أصحابك.
[الطبري (٧/ ٢٦٧)].


الصفحة التالية
Icon