وعن زيد بن ثابت نزلت في المتخلفين يوم أحد (١). وعن ابن زيد أنها في أهل الإفك (٢).
﴿فِئَتَيْنِ﴾ نصب على الحال (٣)، ﴿أَرْكَسَهُمْ﴾ نكسهمِ في الكفر والكفر مشبه بالعمق. قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ﴾ [الحج: ٣١] الآية وليس الإركاس ترديًا (٤).
وقال الله تعالى: ﴿كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا﴾ [النساء: ٩١] بسبب ما اجترموا من إفساد الهجرة أو التخلف أو غيره ﴿أَتُرِيدُونَ﴾ على وجه التعجب والإنكار على إرادتهم صرف القضاء والقدر دون هداية الكفار ﴿فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا﴾ من الدين تيسيرًا عليهم سلوكه.
﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ يدل على أن الآية في (٥) الأولى في المنافقينِ من أهل مكة دون المنافقين من أهل المدينة، وفيهم قوله: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النحل: ٢٨]. ﴿فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ لا توالوهم موالاة المسلمين فيما بينهم ولا (٦) موالاة الجلفا ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾ أعرضوا عن الهجرة أو هاجروا ثم أفسدوا الهجرة.
﴿إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ﴾ نزلت في المنضلين بسُراقة بن جعشم المدلجي

(١) البخاري (١٨٨٤، ٤٠٥٠، ٤٥٨٩)، ومسلم (١٣٨٤، ٢٧٧٦).
(٢) ابن جرير (٧/ ٢٨٦) وقال: إنها في شأن ابن أبي حين تكلم في عائشة - رضي الله عنها -.
(٣) أي أنها حال من الكاف والميم في "لكم" والعامل فيها الاستقرار الذي تعلق به "لكم" وهذه الحال لازمة؛ لأن الكلام لا يتم دونها وهذا مذهب البصريين، وهناك وجه إعرابي آخر في "فئتين" منصوبة على أنها خبر كان مضمرة وهذا مذهب الكوفيين، والتقدير: ما لكم في المنافقين كنتم فئتين.
[ابن جرير (٧/ ٢٨٧)، الدر المصون (٤/ ٦٠)].
(٤) الذي رجحه الطبري أن الإركاس هو ترد، فأركسهم معناه ردهم، وهذا تفسير ابن عباس - رضي الله عنهما - رواه عنه الطبري في تفسيره (٧/ ٢٨٨)، وابن أبي حاتم (٥٧٤٧)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٢/ ١٩١) لابن المنذر.
(٥) (في) من الأصل فقط.
(٦) (ولا) ليست في "ب".


الصفحة التالية
Icon