بالموالاة قبل التحريف والتبديل، والخطاب لبني إسرائيل، و (تعزير الرسل): موافقتهم ومظاهرتهم، وقيل: تعظيمهم وتوقيرهم. ﴿لَأُكَفِّرَنَّ (١)﴾ جواب لقوله: ﴿لَئِنْ﴾.
﴿وَنَسُوا﴾ تركوا (٢)، وقيل: تغافلوا حتى خفي عليهم وذهب عنهم عمله. ﴿تَطَّلِعُ﴾ افتعال من الطلوع وهو الوقوف على الشيء، و (الخائنة): الخائن دخلت الهاء للمبالغة، وقيل: صفة للطائفة، وقيل: مصدر كالعاقبة والكاذبة، وخيانتهم مكرهم (٣) ﴿إِلَّا قَلِيلًا﴾ عبد الله بن سلام وأصحابه ﴿فَاعْفُ﴾ اترك محاربتهم ما لم يظهروا عدوانهم، وقيل: الآية منسوخة بقوله: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً (٤)﴾ [الأنفال: ٥٨] الآية.
﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى﴾ دليل أنهم لُقِّبُوا بهذا اللقب مبتدعين من عند أنفسهم (أغرينا) هيجنا وسلطنا بينهم؛ بين فرق النصارى، فتفرقوا اثنتين وسبعين فرقة، وقيل: بين اليهود والنصارى، وأسباب المودة والعداوة وغيرهما لا تنقطع إلا يوم القيامة فيومئذ ﴿فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ﴾ [القصص: ٦٦]، وكانت أفئدتهم هواء ﴿وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ﴾ تهديد ﴿يَصْنَعُونَ﴾ يفعلون.

= فانطلقوا. فنظروا إلى المدينة، فجاؤوا بحبةٍ من فاكهتهم، وِقْرَ رجلٍ فقالوا: اقدروا قوة قوم وبأسهم هذه فاكهتهم فعند ذلك فتنوا، فقالوا: لا نستطيع القتال. اهـ. وعزا السيوطي هذا الأثر في الدر المنثور (٢/ ٢٦٧) إلى ابن أبي حاتم، وظاهر القرآن يشهد أنهم نقضوا الميثاق ولذا جعل الطبري محذوفًا في الكلام، وقدر الكلام بدلالة الظاهر عليه فيكون المعنى: فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل، فنفضوا الميثاق، فَلعَنْتُهم، فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم.
(١) المثبت من "أ"، وفي جميع النسخ (لأن كفرن).
(٢) في الأصل: (نزلوا) وهو خطأ.
(٣) الأظهر أن "خائنة" بمعنى خيانة وهو قول قتادة [أخرجه عنه عبد الرزاق بـ "سند صحيح"]. واختاره الزجاج وقال: فاعله في أسماء المصادر كثيرة، نحو عافاه الله عافية وكقوله تعالى: ﴿فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ﴾ [الحاقة: ٥]، وقد يقال: رجل خائنة كقول الشاعر:
حَدَّثْتَ نفسك بالوَفَاءِ ولم تكنْ للغدرِ، خائنةً مُغِلَّ الإصبَعِ
فقال: خائنة على المبالغة لأنه يخاطب رجلًا. [معاني القرآن للزجاج (٢/ ١٦٠)].
(٤) (خيانة) ليست في "أ".


الصفحة التالية
Icon