﴿الْفَاسِقُونَ﴾ فسق المجانة دون فسق الديانة أن لا يقبل شهادة النصراني الماجن على النصراني المستور، والمراد بالظلم والفسق هو الكفر (١).
﴿وَمُهَيْمِنًا﴾ شاهدًا أو قاضيًا ﴿مِنْكُمْ﴾ يعني النبي -عليه السلام- ومن معه، ويحتمل الأنبياء ويحتمل المتمسكون بالكتب المنزلة، ﴿شِرْعَةً﴾ طريقة واضحة كذلك منهاجًا وجمع بينهما للتأكيد ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ لتعبدكم شريعة كما دعاكم إليه دين واحد ﴿وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ﴾ ولكن لم يجمعكم للابتلاء في مخالفة الهوى، فالابتلاء يتفاوت بتفاوت (٢) الطباع والعادات والمصالح، ثم قال: إن الله (٣) ابتلى الناس بشريعتنا ونسخ بها سائر (٤) الشرائع فقال: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا﴾ [آل عمران: ٨٥]، وقال: ﴿وَأَنَّ (٥) هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ﴾ [الأنعام: ١٥٣] وقال: ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ [البقرة: ٢٠٨] وما في معناها من السنة والإجماع.
﴿وَأَنِ احْكُمْ﴾ يعني ومما نأمرك من استباق الخيرإت (أن احكم بينهم) ﴿أَنْ يَفْتِنُوكَ﴾ أي يستزلوك، قالوا: وإنْ كادوا ليستفزوك، وفيه دليل أن النبي -عليه السلام- مع كونه مأمون العاقبة كان متعبدًا بالحزن عن الموهومات ﴿بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ (٦)﴾ أي: بأكلها، وقيل: البعض صِلة، وقيل ﴿يُصِيبَهُمْ﴾ ببعضها في الدنيا وببعضها في العقبى، وقيل: إنما ذكر البعض ليبين أن الكل لا غاية له على حسب عزائمهم ونياتهم.

(١) أخرج الطبري في تفسيره (٨/ ٤٥٧)، ووكيع في أخبار القضاة (١/ ٣٨) عن البراء بن عازب، مرفوعًا عند الطبري وموقوفًا عند وكيع في قوله: ﴿فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المَائدة: ٤٤] ﴿الظَّالِمُونَ﴾ [المَائدة: ٤٥] ﴿الْفَاسِقُونَ﴾ [المَائدة: ٤٧]، والآيات الثلاث في الكافرين كلها. وعن الضحاك: نزلت في أهل الكتاب.
(٢) (بتفاوت) ليست في الأصل.
(٣) في الأصل و"أ": (فإن الله).
(٤) في "ب": (جميع).
(٥) (وأن) ليست في "ب".
(٦) (ببعض ذنوبهم) ليس في "ب".


الصفحة التالية
Icon