والسدي: نزلت في جماعة من المنافقين يوالون نصارى نجران ويهود المدينة لما يرتفقون (١) بمعاملاتهم ويرجون بنصرهم (٢)، والفاء في ﴿فَتَرَى﴾ جواب شرط مقدر يعني إن نهيتهم عن الموالاة ﴿فَتَرَى﴾ يحتمل لتعقيب وصفهم النهي ﴿يُسَارِعُونَ فِيهِمْ﴾ في موالاتهم و ﴿دَائِرَةٌ﴾ نكبة ضد الدولة ﴿أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ﴾ فتح قريات اليهود والاستيلاء على نجران، وعن السدي: أنه فتح (٣) مكة ويحتمل أنه الحكم الموعود بإهلاكهم وإن لم يؤمنوا ﴿أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾ وهو إظهار نفاقهم، وقيل: موتهم، وعن أنه وضع الجزية (٤) على اليهود والنصارى (٥) ﴿فَيُصْبِحُوا﴾ عطف على قوله ﴿أَنْ يَأْتِيَ﴾.
﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بعضهم لبعض على سبيل التعجب من أكاذيب المنافقين وأيمانهم الفاجرة ﴿أَقْسَمُوا﴾ حلفوا، قوله: أقسم يمينًا سواء أضمر المحلوف به أو أظهره ﴿جَهْدَ﴾ توكيد (٦) والجهد المبالغة والمشقة نصب بنزع في، وقيل: على المصدر لما في القسم من معنى الجهد كقوله: ﴿تُحِطْ بِهِ خُبْرًا﴾ [الكهف: ٦٨] ﴿وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (١)﴾ [العاديات: ١].
﴿يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ﴾ أول ارتداد عام في أيام أبي بكر ارتد العرب ﴿فَسَوْفَ (٧) يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ﴾ وهم ألفان من النخع وخمسة آلاف من كندة وبجيلة وثلاثة آلاف من أثناء الناس فجاهدوا ﴿فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ حتى قهروهم فسبوا
(٢) ذكره ابن الجوزي في "زاد المسير" (٢/ ٣٧٨) وعزاه لابن عباس.
(٣) أخرجه عنه الطبري في تفسيره (٨/ ٥١٤)، وابن أبي حاتم (٦٥٢٦).
(٤) المثبت من "ب"، وفي البقجة (للجزية).
(٥) روي ذلك عن السدي أيضًا عند الطبرى (٨/ ٥١٤) قال: الأمر الجزية.
(٦) أي أنه مصدر مؤكد ناصبه "أقسموا" فهو من معناه والتقدير: أقسموا إقسام اجتهاد في اليمين ويجوز - كما ذهب إليه أبو البقاء - أنه منصوب على الحال، والتقدير: وأقسموا بالله مجتهدين في أيمانهم، وجؤَّزَ المؤلف أن يكون منصوبًا على المصدر.
[الإملاء (١/ ٢١٩)، الدر المصون (٤/ ٣٠٥)].
(٧) (فسوف) من "أ".