و (المائدة): الخوان (١) حالة (٢) كون الطعام عليه مشتق من الميد وهو العطاء والنفع والعون، تقول: مادني ويميدني، وإنما أنكر عليهم إما للمطالبة والإعجاز على وجه التمني والشهوة وإما لجهالة قدرة القديم الفاعل.
﴿نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ﴾ إما للحرص الطبيعي الذي هو في نفس الحيوان وإما للتشرف (٣) والتبرك وإما لكسب العلم الضروري وحسم توهم السحر واللبس، فالذوق والمضغ والابتلاع ويحتمل أنهم تنوّعوا في هذه المعاني أنواعًا وافترقوا فرقًا على حسب همهم.
﴿قَالَ عِيسَى﴾ في الحال دلالة أنه استنزل المائدة بعد الإذن في السؤال والدعاء ﴿تَكُونُ﴾ أي كانت لنا عيدًا أو هي على سبيل المجاز؛ لأن المائدة لا يتصور أن تكون عيدًا ولكن زمانها من السنة عيد مأخوذة (٤) من عاد يعود، وقيل: نزلت المائدة يوم الأحد فاتخذوه عيدًا، فيوم الأحد (٥) لهم كيوم السبت لليهود ﴿لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا﴾ بدل عن (٦) ﴿لَنَا﴾.
قال الله تعالى: ﴿إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ﴾ عن الحسن ومجاهد (٧) أن القوم لما سمعوا هذا الوعيد ندموا وتابوا ولم ينزل المائدة (٨)، والأكثرون على أنها نزلت فيما روى الكلبي عن بعضهم أن عيسى -عليه السلام- سأل شمعون
(٢) في الأصل: (كون حالة).
(٣) في الأصل: (للتشريف).
(٤) في الأصل و"ي": (مأخوذ).
(٥) (فاتخذوه عيدًا فيوم الأحد) ليست في "أ".
(٦) قاله الزمخشري أنها بدل من "لنا" بتكرير العامل ويجوز في قوله: "لأولنا وآخرنا" أن يكون متعلقًا بمحذوف صفة لـ"عيدًا".
[الكشاف (١/ ٦٥٥)].
(٧) أخرجه الطبري عنهما في تفسيره (٩/ ١٣٠)، وابن أبي حاتم (٧٠٤٦) عن الحسن وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٢/ ٣٤٨) عنهما إلى أبي عبيد وابن المنذر.
(٨) في "أ": (ينزل من المائدة).