لما سئل (١) هذا السؤال أُرعِد كل مفصل منه وانفجرت من تحت كل شعرة عين دم ﴿إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ﴾ تأكيد للنفي إذ لا يصح شيء من الأشياء لا يعلمه الله تعالى والعلم أعم من السر (٢) قال: ﴿وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (٧)﴾ [طه: ٧]، ﴿تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي (٣)﴾ مضمر ما في قلبي ولا أعلم ما هو مستور في غيبك، وإنما ذكر النفس لمردوح الكلام ولا يحل نفس الله شيء من الحوادث تعالى الله (٤) أن يكون ظرفًا للإنسان (٥).
﴿أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ﴾ ترجمة للمستثنى المقول (٦) ﴿عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ﴾ أي شهدت عليهم وعلمت خيرهم وشرهم، (الرقيب) الشهيد.
﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ﴾ قول عيسى -عليه السلام- إرجاء منه الأمر إلى الله وترك للتحكم والتالي عليه كما قال نوح: ﴿وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ﴾ [هود: ٣١] الآية، وقال إبراهيم ﴿فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي﴾ [إبراهيم: ٣٦] الآية، وإنما قال العزيز الحكيم ليبين أن مغفرته لم تقع عن جهل ولا عجز ولكنه يعفو مع القدرة على الانتقام، حكيم فيما فعل، وقيل: إنما وصف بالعزيز الحكيم (٧) دون الغفور الرحيم ليبين أنه غير متشفع (٨) لهم هذا أي الأمر والحكم أو الشأن.
﴿يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ﴾ عيسى ومن شهد من الأنبياء والصدّيقين ﴿رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ صرف عنهم موجبات سخطه بوجود المرضي عنهم وهو الصدق ﴿وَرَضُوا﴾ صرفوا الكراهة عن نعم الله تعالى بوجودها مرضية في الحال والمال مأمونة الخبال والوبال، واللَّه أعلم.
(٢) في "ب": (السمع).
(٣) في الأصل: (النفس).
(٤) (الله) ليست في الأصل.
(٥) في جميع النسخ (للانسا) والمثبت من "أ".
(٦) في "أ": (القول).
(٧) من قوله (وترك للتحكم) إلى قوله (بالعزيز الحكيم) ليست في "ب".
(٨) في "أ": (مشفع).