وفي الآية دلالة أن العالم كله معلوم مضبوط داخل في الإحصاء محدود ذو نهاية، و (الكتاب): اللوح.
﴿يَتَوَفَّاكُمْ﴾ وفاة النوم قبض من غير سلب وقطع وإبطال خلقه، بخلاف وفاة الموت، ﴿ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ﴾ يوقظكم في النهار، و (القضاء) يحتمل أن يكون فعل الله تعالى على وجه الإلجاء، ويحتمل أفعال المخاطبين على سبيل الانطباع.
﴿حَفَظَةً﴾ جمع حافظ، وهم الملائكة يحفظون الأعمال والأنفاس، ﴿أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ أي: وقت الموت وأوانه، ﴿تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا﴾ أعوان ملك الموت، وقال الزجاج (١): هم هؤلاء الحفظة.
﴿إِلَى اللَّهِ﴾ أي: إلى حكمه من السؤال والحساب وغير ذلك.
﴿تَضَرُّعًا﴾ التضرع التذلل وإظهار الخشوع، ﴿لَئِنْ أَنْجَانَا﴾ حكاية الدعاء.
﴿قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ﴾ الآية مختصة بالدواهي ينجون منها، والحال بدل كرب وغم، ﴿ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ﴾ بعد النجاة تثبتون على ترككم ثم تتركونه وزال عنكم بزوال القدرة ثم عاد بعودها.
﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ﴾ يخلطكم ذوي أهواء مختلفة، وشيعة الرجل خاصته وقبيلته، قال الحسن: المراد بالخطاب أهل الصلاة (٢)، وقيل: هم وغيرهم، وعنه -عليه السلام-: "أنه استعاذ من عذاب تحت وفوق لأمته فأستجيب له فيهم، ولم يجب إلى أن لا يلبسوا شيعًا" (٣)، وقال -عليه السلام-: "إذا وضع السيف في أمتي لم يرفع إلى يوم القيامة" (٤).

(١) معاني القرآن (٢/ ٢٥٨).
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (٩/ ٣٠٨) لكن بلفظ: ﴿أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا﴾ [الأنعَام: ٦٥] قال: هذه للمسلمين.
(٣) يشير إلى الحديث الذي رواه البخاري (٤٦٢٨، ٧٣١٣، ٧٦٠٤) عن جابر بن عبد الله.
(٤) رواه الترمذي (٢٢٠٢)، وأبو داود (٤٢٥٢)، وابن ماجه (٣٩٥٢)، والإمام أحمد (٥/ ٢٨٤)، عن ثوبان - رضي الله عنه -، ورواه الإمام أحمد (٤/ ١٢٣) عن شداد، والحديث صحيح.


الصفحة التالية
Icon