وجملة قصة (١) إبراهيم ببابل أن نمرود بن كنعان بن حام (٢) وهو فريدون بلغة العجم لما استرد الملك من الضحاك العادي واجتمع معه عشيرته كلهم وهم بنو أرمخشد تكلف على النجوم وأعجبه ذلك فاعتقده، ثم سوَّلت له نفسه دعوى الربوبية فادعاها واصطنع لنفسه سبعة نفر من عشيرته سماهم الكوهيارين (٣) وفوض إلى كل واحد منهم أمرًا من أموره ورتب المراتب، فكان آزر بين الأصنام، ثم إن أمر إبراهيم -عليه السلام- وفساد ملك نمرود بسببه كان شيئًا موهومًا مخوفًا من جهة علم نبوي كان قد بقي من نوح -عليه السلام- أو من جهة رؤيا رآها إبراهيم: نمرود إله، أو من جهة ما وضع الله ذلك على ألسنة الكهنة والعامة على سبيل الإرجاف، وفي تقادير المنجمين، فأمر نمرود بقتل الصبيان وأمر بحبس النساء عن أزواجهن وجعل نساء حضرته في حصن حصين، ووكل آزر عليهن وهو شيخ أمين عنده، ولا مرد لقضاء الله، فكان من قضاء الله وقدره أن خرجت إليه امرأته ذات يوم من الحصن بطعام وقت الهاجرة، فإذا نظر إليها آزر لم يملك نفسه أن واقعها فأعلقها، ولما ظهر الحبل سُقط في يده وخاف على نفسه ووعدته امرأته أن تخبره بوضع الحمل الثقيل إن كان غلامًا، فلما وضعت إبراهيم -عليه السلام- أشفقت عليه وأخفته في مفازة، وقالت لآزر: إني ولدت ولدًا ميتًا فدفنته، فصدقها، وكانت تأتيه فتجده يمصّ إبهامه، ولما بلغ سبع سنين أظهرته على آزر وقد ألقى الله -عَزَّ وَجَلَّ- عليه محبته فلم يجد آزر من نفسه أن يسلمه للقتل، ثم ألهم الله -عَزَّ وَجَلَّ- إبراهيم التوحيد وذم الأصنام فكان يدعو أباه وهو يزجره ويهدّده بالملك وبالقتل (٤) ويظن أنه يقول ذلك

(١) في "أ": (قضية).
(٢) اختلف المؤرخون في نسب النمرود ففريق منهم ينسبه إلى سام، ومنهم مفسرنا منهم ينسبه إلى حام، والبعض يسميه (النمرود بن فالح بن عابر بن صالح بن أرفخشذ بن سام بن نوح).
وآخرون يسمونه النمرود بن كوش بن كنعان بن حام بن نوح.
والبعض يسميه (النمرود بن كنعان بن كوش بن سام)، والله أعلم بالصواب.
(٣) في "أ": (أكوهيارين).
(٤) في الأصل: (والقتل).


الصفحة التالية
Icon