عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ} [الإسراء: ٩٣]، ﴿غَمَرَاتِ﴾ جمع غمرة وهو ما يعلو الإنسان ويغطيه ويغمره، والمراد بغمرات الموت هو الظاهر، وقيل: عذاب الآخرة (١)، وتصديقه قوله: ﴿وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ﴾ [إبراهيم: ١٧]، ﴿أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ﴾ أي: يقولون موتوا، وقيل: تخلصوا إن استطعتم، ﴿تَسْتَكْبِرُونَ﴾ عن قبول الآيات والإيمان به.
﴿فُرَادَى﴾ جمع فريد كأسير وأسارى تنفرد الأجزاء ثم بأحكامها حتى يصير الواحد بالتأليف ألوفًا، ولذلك يجحدون بأنفسهم وليشهد عليهم سمعهم وأبصارهم وكل ذلك لزوال القدرة والتلاشي والتفسخ مشاهدة أو حكمًا عند مشاهدة الله تعالى وعرضه وسؤاله، ﴿خَوَّلْنَاكُمْ﴾ أعطيناكم وملكناكم [وأنعمنا به عليكم] (٢)، ﴿وَضَلَّ عَنْكُمْ﴾ بطلت دعاويكم.
﴿إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ﴾ الفلق الشق و ﴿الْحَبِّ﴾ بذور النبات كلها، واحدها حبة، ﴿وَالنَّوَى﴾ عجم التمر وسائر الثمار واحدتها نواة، وكمون (٣) النبات في الحبة ككمون النطف في الأصلاب، ولا محالة أن التمكين أصل وهو إجراء المركز وسائر الأجزاء المتركبة (٤) النامية فهي بعد الظهور (٥) من الهواء (٦) والغذاء بالإحالة، والتقليب (٧) من صنع الله تعالى.

(١) الغمرات جمع غَمْرَة، وغمرة كل شيء كثرته، وأصله: الشيء الذي يغمر الأشياء فيغطيها، تقول: غمره الماء إذا ستره وغطاه، ومنه قول الشاعر وينسب إلى بشر بن أبي خازم:
ولا ينجي من الغمرات إلا بَرَكاءُ القتالِ أو الفرارُ
وتجمع على غُمَر كَعَمْرة وعُمَر.
وقد فَسَّر ابن عباس - رضي الله عنه- ﴿غَمَرَاتِ الْمَوْتِ﴾ بسكرات الموت. أخرجه الطبري في تفسيره
(٩/ ٤٠٩).
[ديوان بشر بن أبي خازم الأسدي (ص٧٩)، الدر المصون (٥/ ٤١)].
(٢) ما بين [...] ليست في الأصل.
(٣) في الأصل: (ويكون). وفي "أ": (كون).
(٤) في الأصل: (المركبة).
(٥) في "أ": (ظهور).
(٦) في "أ" "ب": (الهوى).
(٧) في "أ": (والتقلب).


الصفحة التالية
Icon