﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ المدرك المنيل الحاصل مقدور مقهور محصور مقصور مهجوم عليه، تعالى الله عن الاتصاف بهذه المعاني، والموجود المعلوم المعقول المشاهد حق ثابت، تعالى عن نفي هذه الصفات علوًا كبيرًا، و (البصر) الإحساس باليقين أو العقل بالقلب، و (أولو الأبصار) ذوو العقول والآراء، و ﴿اللَّطِيفُ﴾ نافذ العلم دقيق العمل، وقيل: ﴿اللَّطِيفُ﴾ الذي ليس يكشف.
﴿قَدْ جَاءَكُمْ﴾ (قل): مضمر في أول الآية، و (الحفيظ) في معنى الرقيب والوكيل.
﴿وَلَا تَسُبُّوا﴾ قالت قريش للنبي -عليه السلام- وللمؤمنين: لتمسكن عن ذكر آلهتنا أو لنهجون آلهتكم، فنهى الله تعالى عن سب آلهتهم (١)، وتعبّد المؤمنين بترك سب (٢) الكفر، ولو شاء الله لأخرسهم وختم على أفواههم، والسبّ هو الشتم والوقيعة، و (العدو) من الاعتداء كقوله: ﴿بَغْيًا وَعَدْوًا﴾ [يونس: ٩٠].
﴿أَفْئِدَتَهُمْ﴾ جمع فؤاد وهو أول الأعضاء الرئيسية وهو مركز الحرارة الغريزة، ولحم فئيد: مشوي، والمفئيد السفود ﴿كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ﴾ أي: جزاء لكفرهم (٣) بالنبي -عليه السلام- أول مرة عند إنشقاق القمر والتحدي بالقرآن والرجوع من بيت المقدس، ويحتمل أن الوعيد عقباوي والتشبيه وقع لحالة الدنيا.
وفي قوله: ﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا﴾ الآية دالة أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وهؤلاء الجاهلين القدرية.
﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا﴾ عطف على ﴿كَذَلِكَ زَيَّنَّا﴾ [الأنعام: ١٠٨] قال

(١) ابن جرير (٩/ ٤٨٠)، وابن أبي حاتم (٧٧٦٠).
(٢) في الأصل و"ي": (تسبب).
(٣) في الأصل: (كفرهم).


الصفحة التالية
Icon