أنها دار التحية بالسلام فالله تعالى يحيِّيهم، ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (٥٨)﴾ [يس: ٥٨] وتحيِّيهم الملائكة بالسلام ويحيِّي بعضهم بعضًا بالسلام.
﴿يَا مَعْشَرَ﴾ نقول: يا معشر، والمعشر الجماعة والخطاب للشياطين، ﴿اسْتَكْثَرْتُمْ﴾ أكثرتم الأتباع والقرناء، ﴿اسْتَمْتَعَ﴾ انتفع واستكان، وهذا عذر منهم وحجة للإشراك، يريدون أنهم استمتعوا بهم كما يستمتع (١) بعضنا بأهل الذمة وأسارى الكفار، وكما استمتع سليمان -عليه السلام- بهم بإذن الله و ﴿خَالِدِينَ﴾ حال للضمير في قوله: ﴿مَثْوَاكُمْ﴾ والمستثنى مدة الحساب في الموقف أو حالة خروجهم من النار مع الشرر، أو للاستهزاء بهم على ما سبق ذلك.
﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي﴾ الآية ردّ على القدرية.
ظاهر قوله: ﴿رُسُلٌ مِنْكُمْ﴾ يدل على أن الجن كانت فيهم الأنبياء وهكذا عن كعب وغيره مما صنفوا من أخبار الجن قبل خلق آدم -عليه السلام- سَمّوا قريبًا من نيف وأربعين نبيًا أولهم دنخش ومنهم صاعوق بنياعق وغيره، وقيل: إنما قال لأن التكليف لجميعهم (٢) كأنهم جنس واحد، وقيل: هذا من باب قوله: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: ٢٢] وإنما يخرج من أحدهما.
﴿شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا﴾ شهادة الأيدي والأرجل.
﴿ذَلِكَ﴾ في موضع نصب تقديره فعل ذلك، وقيل: رفع بالابتداء (٣)، ﴿بِظُلْمٍ﴾ ظلم أهل القرية أي لم يهلكهم بظلمهم وهم غافلون ولكن نبههم أولًا ونهاهم وأنذرهم، وقيل: أراد به ظلم منفي عن الله تعالى، وإنما صح

(١) في الأصل: (استمتتع).
(٢) في "أ": (جميعهم).
(٣) هذان وجهان، والوجه الثالث في إعرابها أنه خبر محذوف المبتدأ، والتقدير: الأمر ذلك - قاله السمين الحلبي.
[الدر المصون (٥/ ١٥٥)].


الصفحة التالية
Icon