أبي روق (١): من صورته لأنه مسخ لافتخاره بنفسه، وليس لأحد أن يتكبر في مواضع الملائكة ولا في سلطان غيره وفعل غيره.
﴿قَالَ أَنْظِرْنِي﴾ أجِّلني وأمهلني، قال على وجه المكايدة (٢) وإرادة (٣) لتأخير العقوبة، فأمهله الله تعالى استدراجًا ليزداد إثمًا فيزداد عقوبة (٤)، وقيل: ظن اللعين أنه إن أمهل إلى ذلك الوقت أمهل عن الإماتة وسلم عن ذوق الموت من حيث إنه يوم حياة لا يوم موت، فألبسه الله تعالى وأبهم الإنطاق، وقيل: أجابه إثابة له على (٥) عبادته المتقدمة لئلا يبقى له في الآخرة إلا النار.
قال: ﴿فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي﴾ فبإغوائك إياي، والباء للقسم والسبب أو المقارنة (٦) و (الإغواء) الإضلال عن ابن عباس (٧) ﴿لَأَقْعُدَنَّ﴾ جواب قسم ومعناه إعراضه عن شرائع الإسلام وسبيل الحق ليوسوس ويصد ويزل ويضل، قال الله تعالى: ﴿وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ﴾ [التوبة: ٥] أي في كل مرصد.
﴿ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾ الآخرة ﴿وَمِنْ خَلْفِهِمْ﴾ الدنيا ﴿وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ﴾ الدين ﴿وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾ الشهوات (٨) ﴿وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾ ظنًا منه

(١) القرطبي (٧/ ١٥٥).
(٢) في "أ": (الكايدة) دون ميم.
(٣) في الأصل "ب": (وأراد).
(٤) في الأصل (ليزداد مثله فيزداد عقوبة)، وفي "ب" "أ": (ليزدادوا ويزداد عقوبة)، وفي "أ": (ليزداد إثمًا فيزداد عقوبة).
(٥) في "أ": (الإنابة له وهي..).
(٦) ذهب الزمخشري إلى أن الباء للسببية، وجوز أبو بكر بن الأنباري أن تكون للسببية وللقسم [الكشاف (٢/ ٦٩)] وإذا قلنا أنها سببية تكون ظرفًا مستقرًا واقعًا موقع الحال من فاعل "لأقعدن"، والتقدير: لأقعدن لهم حال كون ذلك مني بسبب إغوائك إياي.
(٧) ابن جرير (١٠/ ٩١)، واللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة (١٠٠٢).
(٨) صح عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عكس ما ذكره المؤلف فقال ابن عباس: (من بين أيديهم) من الدنيا (ومن خلفهم) من الآخرة (وعن أيمانهم) من قبل حسناتهم (وعن شمائلهم) من قبل سيئاتهم. أخرجه الطبري في تفسيره (١٠/ ٩٧)، ووافق ابن عباس على ذلك =


الصفحة التالية
Icon