يومئذ ﴿وَنُودُوا﴾ أي ناداهم الله أو نادتهم الملائكة أو أصحاب الأعراف عند رفعهم أصواتهم بالتحميد (١).
﴿أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا﴾ المراد بالوعد في حق أهل النار الوعيد، وإنما وقعت العبارة عنه بالوعد لازدواج (٢) الكلام كقوله: ﴿وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ﴾ [الكهف: ٢٩] ويحتمل أن المراد بالوعد في حق الفريقين جميعًا هو البعث بعد الموت، قال الله تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا﴾ [النحل: ٣٨] وفائدة السؤال التقريع والتنكيل ﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ﴾ أعلم معلم وهو جبريل عن ابن عباس (٣) ﴿أَنْ﴾ أي بأن ﴿لَعْنَةُ اللَّهِ﴾ ثم وصف الظالمين في الحياة الدنيا.
﴿وَبَيْنَهُمَا﴾ أي بين الجنة والنار ﴿حِجَابٌ﴾ حاجز وحائل وهو السّور الذي باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب وهو العذاب، وأعراف الرمال أشرفها، واحد الأعراف عُرف ومنه عرف الديك ﴿وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ﴾ الذين (٤) استوت حسناتهم وسيئاتهم عن ابن عباس وابن مسعود وحذيفة (٥)، وسئل -عليه السلام- عنهم فقال: "هم الذين قتلوا في سبيل الله بمعصية آبائهم" (٦)

(١) لم يبين الله -عَزَّ وَجَلَّ- من الذي يناديهم ولذا جاء في صحيح مسلم (٤/ ٢١٨٢) عن أبي هريرة مرفوعًا قال -عليه السلام-: "ينادي منادٍ: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدًا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدًا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدًا" فذلك قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: ﴿وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: ٤٣].
(٢) في "ب": (لأن ازدواج).
(٣) ذكر الألوسي في "روح المعاني " (٨/ ١٢٣) عن ابن عباس أنه صاحب الصور (يعني إسرافيل). وقيل: مالك خازن النار، وقيل: ملك من الملائكة (أي جبرائيل).
(٤) في "ب" "ي": (الداين).
(٥) أما عن ابن عباس فرواه ابن أبي حاتم (٨٥٠١). وأما عن ابن مسعود فرواه ابن جرير (١٠/ ٢١٣، ٢١٤). وأما عن حذيفة فعزاه إليه النحاس في "معاني القرآن" (٣/ ٣٩).
(٦) هذا الحديث رواه سعيد بن منصور (٩٥٤ - تفسير)، وابن جرير (١٠/ ٢١٨)، وابن أبي حاتم (٨٤٩٨)، وابن الأنباري في "الأضداد" (٣٦٩)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (٢٥٢)، وعن عبد الرحمن المزني، وهو حديث ضعيف فيه أبو معشر نجيح ضعيف. =


الصفحة التالية
Icon