لموسى -عليه السلام- (١) وكان شعيب قد أعطاها إياه أو شيء لم يبلغنا خبره ﴿الْكَيْلَ﴾ تقدير الشيء بالظروف ﴿وَالْمِيزَانَ﴾ ما يقدر به ثقلًا أشياءهم وأموالهم وحقوقهم ﴿خَيْرٌ لَكُمْ﴾ من الخيانة ﴿إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ أي: إنصافكم الناس خير لكم بعد أن تؤمنوا، ويحتمل أنهم يدعون الإيمان ببعض الأنبياء كادعاء أهل الكتاب.
وكانوا يعترضون لمن قصد شعيبًا -عليه السلام- ويخوفونه بالقتل والأذى إن آمن به فنهاهم عن ذلك وقال ﴿وَلَا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ﴾ الآية، وعن السدي أنهم كانوا يقطعون الطريق (٢) ﴿وَتَصُدُّونَ﴾ معطوف على ﴿تُوعِدُونَ﴾ ﴿فَكَثَّرَكُمْ﴾ بالعدد، وتعليق الصبر بإيمان البعض دون البعض يحتمل ثلاثة أوجه:
أحدهما: أنكم إن اختلفتم في أمري فانتظروا حكم الله ولا يحملنكم ذلك على الاقتتال.
والثاني: أن المؤمنين لما استضعفوا ورأوا بسطة الكفار كادوا يرتدون على أدبارهم فقال (٣) إن كنتم آمنتم وكفر غيركم فاشطروا حكم الله في العاجلة.
والثالث: أن المؤمنين منهم شكوا إليه فعزّاهم وأمرهم بالصبر إلى أن يأتي الفرج من عند الله.
وقوله: ﴿وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ﴾ و ﴿خَيْرُ النَّاصِرِينَ﴾ [آل عمران: ١٥٠]
و ﴿أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ [يوسف: ٦٤] و ﴿أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: ١٤] كله على سبيل المجاز واعتبار التسمية واللفظ دون المعنى تعالى الله أن يجانس شيئًا (٤) من خلقه علوًا كبيرًا.

(١) (السلام) ليست في "ي".
(٢) أخرجه الطبري في تفسيره (١٠/ ٣١٤)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٨٧١٦).
(٣) في "ب": (وقال).
(٤) (شيئًا) ليست في "ب".


الصفحة التالية
Icon