بسم الله الرحمن الرحيم

﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ﴾ نزلت في غزوة بدر (١) في شهر رمضان سنة اثنتين، وسبب غزوة بدر أن عيرًا لقريش قدم من الشام فيهم أبو سفيان وعمرو بن العاص، فأراد النبي -عليه السلام- (٢) أن يخرج إليهم فيغير عليهم وهو يريد العير والله يريد النفير، فكان ما أراد الله. وذلك أن أبا سفيان سمع بخروج النبي -عليه السلام- فأرسل ضمضم بن عمرو الغفاري إلى مكة مستنجدًا مستنفرًا، وكانت (٣) عاتكة بنت عبد المطلب (٤) قد رأت في المنام قبل مقدم
(١) لا خلاف أن آية الأنفال نزلت في غزوة بدر لكن اختلفوا في سبب نزولها على ثلاثة أقوال:
الأول: أن رسول الله - ﷺ - قال يوم بدر: "من قتل قتيلًا فله كذا وكذا، ومن أسر أسيرًا فله كذا وكذا"، فأما المشيخة، فثبتوا تحت الرايات، وأما الشبان، فسارعوا إلى القتل والغنائم، فقال المشيخة للشبان: أشركونا معكم، فإنا كنا لكم رداء، فأبوا، فاختصموا إلى رسول الله - ﷺ - فنزلت سورة الأنفال. روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - بسند حسن.
أخرجه أبو داود (٢٧٣٧)، والنسائي في التفسير (٢١٧)، والبيهقي (٦/ ٢٩١)، والحاكم (٢/ ١٣١) وصححه ووافقه الذهبي.
القول الثاني: أن سعد بن أبي وقاص أصاب سيفًا يوم بدر، فقال: يا رسول الله، هبه لي، فقال: "اذهب فاطرحه في القبض". فرجعت، وبي ما لا يعلمه إلا الله، فما جاوزت إلا قريبًا حتى نزلت آية الأنفال فقال رسول الله: "اذهب فخذ سيفك".
أخرجه ابن أبي شيبة (١٢/ ٣٧٠)، وسعيد بن منصور (٢٦٨٩)، وأحمد (١/ ١٨٠)، وأخرجه مسلم مختصرًا (١٧٤٨) وغيرهم.
والقول الثالث: أن الأنفال كانت خالصةً لرسول الله - ﷺ - ليس لأحد منها شيء فسألوه أن يعطيهم منها شيئًا فنزلت هذه الآية. روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وسنده فيه ضعف.
أخرجه البيهقي (٦/ ٢٩٣)، والطبري (١٥٦٧٩) عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) (السلام) ليست في "ي"، وفي "ب": (- ﷺ -).
(٣) في الأصل و"ي": (كان).
(٤) عاتكة بنت عبد المطلب بن هشام، عمة النبي - ﷺ - كانت زوج أبي أمية بن المغيرة والد أم سلمة زوج النبي - ﷺ -. قال أبو عمر بن عبد البر: اختلف في إسلامها والأكثرون يأبون ذلك، وذكرها العقيلي في الصحابة وكذا ابن حجر في الإصابة، وذكر ابن إسحاق أنه لم يسلم من عمات النبي - ﷺ - إلا صفية، وذكر ابن فتحون في =


الصفحة التالية
Icon