٢٧
﴿وَجِلَتْ﴾ خافت وفزعت وهذه الحكمة هي الأولى، وأما الحكمة الثانية فالاطمئنان (١) والاستئناس، قال الله تعالى: ﴿تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الزمر: ٢٣] ﴿زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾ على الإيمان المعهود من وجهين: أحدهما الأسباب والأدلة، والثاني الإيمان الحادث بالنازل الحادث.
﴿أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ رد على الذين يشكون في إيمانهم ﴿حَقًّا﴾ نصب على التأكيد ﴿وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ هو الحظ الجميل المحمود - يعني: في الآخرة إن شاء الله.
﴿كَمَا﴾ التشبيه لكون الأنفال لله أي هي لله، كما كان إخراجك من (٢) بيتك إلى الله وإن كرهه فريق من المؤمنين، وقيل: التشبيه لسؤالهم عن الأنفال واختلافهم فيها، أي: جادلوك فيها كما كرهوا الخروج فجادلوك فيه أوّل مرة، وإنما (٣) كان السبب في ذلك أن النبي -عليه السلام- (٤) كان قد خرج إلى العير ووعدهم الله في الطريق أحد شيئين:
إما الظفر بأموال العير (٥) الذي خرج قاصدًا إليها.
وإما النصر عند الالتقاء، وكان الظفر بأموال العير أقرب وأسهل على ما قدّروه وأحبهم إليه من لقاء العدو؛ لأنهم لم يكونوا تأهبوا للقتال كل التأهب، فلما سمعوا أن أبا سفيان أخذ طريقًا آخر وأنهم ملاقو العدو لا محالة كرهوا ذلك، وقالوا لرسُول الله: أخرجتنا قاصدين إلى العير ولم تخبرنا بلقاء العدو حتمًا، وخافوا على أنفسهم خوفًا طبيعيًا، وإن كانوا معتقدين بأن (٦) الله منجز وعده ومسلطهم ﴿إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ﴾ لا محالة

(١) (فالاطمئنان) بياض في "أ".
(٢) (من) ليست في "ب" "ي".
(٣) في "أ": (فإنما).
(٤) (السلام) ليست في "ي".
(٥) من قوله: (الذي خرج) إلى قوله: (بأموال العير) ليست في "أ".
(٦) في الأصل: (بإذن).


الصفحة التالية
Icon