﴿لِيُحِقَّ الْحَقَّ﴾ إحقاق الحق: إثبات في المشاهدة لما ثبت في العقل، وإبطال الباطل: إزهاق في المشاهدة لما زهق في العقل.
﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ﴾ الاستغاثة طلب الغوث وهو عون الملهوف، و (الرادفة) (١) أن تتبع الشيء الشيء قال: ﴿عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ﴾ [النمل: ٧٢] واللام مفخمة و (الترادف) التتابع.
﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ﴾ قيل: إن الله تعالى ألقى عليهم النوم والأمن ليلتئذٍ حتى احتلم بعضهم ثم أصبحوا على غير ماء، فوسوس لهم الشيطان بأنهم لو كانوا على الحق لوجدوا مَاء يتطهرون به لصلاتهم، فأرسل الله عليهم مطرًا حتى اغتسلوا وشربوا (٢)، وكان الموضع تسوخ فيه الأقدام لكثرة الرمل فاشتد بذلك الوشي (٣) أيضًا فثبتت عليه أقدامهم، و (الربط على القلب): هو عقدها بالصبر الحائل بينه وبين الجزع والوجل والهلع والفشل ﴿بِهِ﴾ راجع إلى الماء وإلى الربط، و ﴿الْأَقْدَامَ﴾ جمع قدم وهو من الرجل كالكف من اليد.
﴿فَثَبِّتُوا﴾ تثبيت الملائكة المؤمنين إنما كان على سبيل التشجيع دون القتال، وقيل: تثبيتهم إياهم مشاركتهم في القتال تشريفًا لهم، ولو شاء الله لأهلكهم بمَلَك (٤) واحد منهم ﴿فَوْقَ الْأَعْنَاقِ﴾ ما فوق الأعناق وهو الرأس، وقيل: فوق زيادة وصلة مثل (على) نقول: ضربت الشيء وضربت عليه بمعنى (٥)، و (العنق): الرقبة، وهو المتوسط بين الرأس والصدر

(١) في الأصل: (والرواقة).
(٢) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٧/ ٥٨) لابن المنذر وأبي الشيخ عن ابن عباس.
(٣) في الأصل: (الشيء).
(٤) في الأصل: (بذلك).
(٥) قوله تعالى: ﴿فَوْقَ الْأَعْنَاقِ﴾ [الأنفَال: ١٢] إما أن تكون ﴿فَوْقَ﴾ باقية على ظرفيتها، أي فاضربوا الرؤوس كما ذكر المؤلف، وقال أبو عبيدة: إنها بمعنى (على) أي على الأعناق. وقال الأخفش: إنها زائدة بمعنى: اضربوا الأعناق.
[المجاز لأبي عبيدة (١/ ٢٤٢)، معاني القرآن للأخفش (٢/ ٣١٩)].


الصفحة التالية
Icon