موجب العذاب فقال: ﴿وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ﴾ أي يصدون المؤمنين عن الحج والعمرة غصبًا من غير أن يكون إليهم ولاية المسجد الحرام عند الله تعالى وفي حكمه، ثم أخبر الله عن أولياء المسجد الحرام فقال: ﴿إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ﴾.
﴿مُكَاءً﴾ صفيرًا ﴿وَتَصْدِيَةً﴾ تصفيقًا وتوليد الصدى، والصّدى (١): هو الصّوت المنعكس، كانت قريش تصفّر وتصفق وتعتقد أنها صلاة ودعاء وذلك من وسواس الشيطان لهم (٢) ليصدهم عن التسبيح والتهليل، قال حسّان:

إذا قام الملائكة اتبعتم صلاتكم التصفير والمكاء (٣)
فأنكر الله تعالى ذلك عليهم وأخبر بقبح فعلهم وسوء رأيهم ﴿فَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ خطاب لهم بلغهم (٤) يوم بدر.
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ﴾ نزلت في المطعمين يوم بدر؛ عن الضحاك (٥)، وفي أبي سفيان حين استأجر ألفي رجل من الأحابيش (٦) من كنانة واستجاش من سائر العرب يوم أحد؛ عن قتادة (٧) ومجاهد وغيرهما.
(١) في الأصل: (والصد).
(٢) (لهم) ليست في الأصل و"أ".
(٣) ذكره نافع بن الأزرق في مسائله عن ابن عباس (٦٣)، وبيت حسان بن ثابت مذكور في لسان العرب (١٣/ ١٦٤ - مكا) صلاتهم التصدي والمكاءُ بهذا اللفظ.
(٤) في الأصل: (بلغتهم).
(٥) المشهور عن الضحاك أنها نزلت في أهل بدر كما عند ابن جرير (١١/ ١٧٤) وغيره. أما المطعمين وهم اثنا عشر رجلًا منهم أبو جهل وعتبة وشيبة وغيرهم كما عند البغوي (١/ ٣٥٥) عن الكلبي ومقاتل، ويروى كذلك عن ابن عباس كما في زاد المسير (٣/ ٣٥٥).
(٦) هم أحياء انضموا إلى بني ليث في محاربتهم قريشًا، وقيل: حالفوا قريشًا تحت جبل يسمى حبيشًا، انظر: النهاية لابن الأثير (١/ ٣٣٠).
(٧) عزاه بصورة عامة لقتادة ومجاهد ابن كثير في تفسيره، ولكن رواية الأحابيش معروفة عن سعيد بن جبير كما عند ابن جرير (١١/ ١٧٠)، وابن أبي حاتم (٥/ ١٦٩٧)، وابن عساكر (٢٣/ ٤٣٨)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٣/ ١٨٤) إلى ابن سعد وعبد بن حميد وأبي الشيخ.


الصفحة التالية
Icon