﴿وَلَا تَنَازَعُوا﴾ في القتال وهو أن يخالفوا الإمام عند الفتنة فيتقدموا ويتأخروا بغير إذنه، وأن تتراحموا، أو يتجادلوا فيتخاذلوا ﴿رِيحُكُمْ﴾ ريح النصر قال -عليه السلام- (١): "نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور" (٢) وقيل: الريح (٣) تزايد الأنفاس في الصدر عند الغضب بطول الاهتمام واحتباسُها قليلًا في الصدْرِ (٤)، وذلك يزيد في قوة الأعضاء، فإذا تنازعوا استوفوها في جهة التنازع ولم يبق للمطاعنة والمسابقة منها شيء.
﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا﴾ قيل: إن قريشًا لما بلغهم سلامة العير قال بعضهم ارجعوا فقد كفيتم، وقال أبو جهل وأمثاله: بل (٥) ننتهي إلى بدر فنطعم الطعام ونسقي الخمور وتعزف على رؤوسنا القينات لنفتخر به إلى آخر الأبد (٦)، فقلب الله عليهم أحوالهم وأطعم لحومهم (٧) السباع والنسور والديدان، وسقاهم مكان كؤوس الخمور كؤوس المنايا، وناحت عليهم النوائح مكان القينات، وأبدلهم من الفخر الخزي والعار وعذاب النار إلى أبد الآباد، ونهى المؤمنين أن يكونوا أمثالهم في البطر والرياء؛ لأن البطر هو الطغيان يحمل النفس على تمني المحال والقصد لما لا ينال حتى تقتحم الخسران والوبال، ورياء الناس يحمل النفس على ترك ما يعنيها من الأصلح والأوفق والأوجب والاشتغال بما لا يعنيها.
﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ﴾ قيل: أراد سراقة بن مالك بن جُعْشُم كانت قريش حين خرجت تخاف من كنانة وبني بكر وكان سراقة شاعرًا مكينًا في

(١) (السلام) ليست في "ي".
(٢) البخاري (٩٨٨)، ومسلم (٩٠٠).
(٣) في الأصل: (الذبح).
(٤) (واحتباسها قليلًا في الصدر) ليست في "أ".
(٥) (بل) ليست في الأصل.
(٦) هذا ورد عن عدد من الصحابة والتابعين، وانظر: الدر المنثور (٧/ ١٤٣ - ١٤٤).
(٧) في "أ": (لحوض)، وفي "ي": (لحمهم).


الصفحة التالية
Icon