﴿الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ﴾ نزلت في بني قريظة نقضوا العهد مرة بعد أخرى (١) و (الذين) بدل عن الذين في الآية الأولى وهو إبدال البعض من الكل (٢) (شرد بهم) التشريد التفريق والتنكيل.
﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ﴾ الخوف العلم أو غلبة الظن ﴿خِيَانَةً﴾ مكر المعاهدين ﴿فَانْبِذْ﴾ العهد إليهم جهرًا ﴿عَلَى سَوَاءٍ﴾ حال كقوله: ﴿وَعَلَى جُنُوبِكُمْ﴾ [النساء: ١٠٣] تقديره كائنًا أو كائنين على سواء في العداوة.
﴿لَا يُعْجِزُونَ﴾ للإعجاز معنيان أحدهما أن تفعل فعلًا يعجز عنه غيرك، والثاني أن تفسير إلى حال يعجز غيرك عن الاستيلاء عليك.
﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ به (٣) ﴿مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾ عام في كل ما يتقوى به على الأعداء من سلاح وكراع، وعن عقبة بن عامر قال: قرأ رسول الله - ﷺ -: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾ "الرمي (٤) لهو المؤمن في الخلاء (٥) وقوته عند اللقاء" (٦)، قال: ومات عقبة فأوصى بتسعين قوسًا كل قوس قرنها وسهامها في سبيل الله (٧)، قال: قرنها سيف، فقال: قرن الرجل إذا تقلد سيفه وتنكب قوسه، وعن عقبة قال: إن الله

(١) روي ذلك عن مجاهد قال: هم قريظة مالؤوا على محمَّد يوم الخندق أعداءه. أخرجه الطبري في تفسيره (١١/ ٢٣٥)، وابن أبي حاتم (١٧١٩)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٣/ ١٩١) إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبي الشيخ.
(٢) هذا أحد الأوجه في إعراب ﴿الَّذِينَ عَاهَدْتَ﴾ [الأنفَال: ٥٦] والوجه الثاني: الرفع على الابتداء، والخبر قوله: ﴿فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ﴾ [الأنفَال: ٥٧] ودخلت الفاء في الخبر لشبه المبتدأ بالشرط كما هو ظاهر كلام ابن عطية. [المحرر (٨/ ٩٢)].
(٣) (به) ليست في "ب".
(٤) (الرمي) ليست في الأصل و"ب".
(٥) (الخلاء) بدلها بياض في الأصل و"ب".
(٦) المعروف أن رسول الله - ﷺ - قال الآية، وقال: "ألا إن القوة الرمي" أخرجه مسلم (١٩١٧). وهناك رواية أخرى يقول: "إن كل لهو لهى به المؤمن باطل إلا في ثلاث: رمية الصيد بقوسه.. ".
(٧) الذي ذكر في ترجمة عقبة أنه ترك ثمانين قوسًا، وفي رواية بضع وستون أو بضع وسبعون، وانظر تاريخ ابن عساكر (٤٠/ ٥٠٢).


الصفحة التالية
Icon