﴿مَا كَانَ﴾ أي: لم يكن معتدًا به ولم يصح ولم يقع موقعه فعلهم ذلك، و (العمارة) ضد التخريب، (شهادتهم) على أنفسهم بالكفر: جهرهم به وإن لم يعدوه كفرًا وإنما صحّ العمارة من آمن بالله.
﴿أَجَعَلْتُم﴾ فضيلة سقاية الحاج كفضيلة، ﴿كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ﴾ قال الحسن البصري: لما نزلت هذه الآية، قال رسول الله - ﷺ -: "لا تدعوها فإن لكم فيها أجرًا" (١) فلولا أن الآيات نزلت في فتح مكة ولكن رسول الله ولى السقاية عمه عباسًا وأولاده بعد الفتح وقال: "انزحوا ولولا أن يزاحمكم الناس لنزحت معكم" (٢)، وأذن في البيتوتة بمكة لأجل السقاية ليالي مني (٣)، فصار عباس جامعًا بين السقاية وبين الهجرة والجهاد، ونال بكلتي الفضيلتين ثم نال فضيلة الاستسقاء على منبر رسول الله في أيام عمر (٤) مع ما خصّه الله تعالى من عمومة نبيه -عليه السلام- وولاية مواليه وذريته وأبوَّة خلفائه من غير منازع ولا مدافع فللَّه الحمد (٥).
﴿أَعْظَمُ دَرَجَةً﴾ شرفًا أو ثواب الدنيا ليصح التفضيل على الكفار، وإن حُمل على درجات الآخرة، كان التفضيل على سبيل التوسع (٦) والمجاز.
﴿نَعِيمٌ﴾ رفع لقوله ﴿لَهُمْ﴾ فيحسن الوقف على ﴿وَرِضْوَانٍ﴾ ويجوز أن يكون متعلقًا بـ ﴿وَجَنَّاتٍ﴾ فيوقف على ﴿لَهُمْ﴾ (٧).

(١) عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٧/ ٢٧٢ - ٢٧٣) لأبي الشيخ.
(٢) البخاري (١٦٣٥).
(٣) استئذان العباس مروي في الصحيحين.
(٤) استسقاء عمر بالعباس في البخاري (٩٦٤).
(٥) يقصد خلافة بني العباس.
(٦) في "أ": (التوسيع).
(٧) يجوز في ﴿لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ﴾ [التوبة: ٢١] أن تكون صفة لـ ﴿وَجَنَّاتٍ﴾ وأن تكون صفة لـ ﴿بِرَحْمَةٍ﴾ [البقرة: ٢١٨] وجوز ذلك مكي والسمين الحلبي، وجوز مكي أن تعود الصفة على البشرى المفهومة من قوله: ﴿يُبَشِرُهُم﴾، ويجوز أن يكون (نعيم) =


الصفحة التالية
Icon