جهتهم، وإلى هذا أشار -عليه السلام- حين رأى امرأة مقتولة (١). و ﴿الْجِزْيَةَ﴾ اسم المقضي عن الرقاب والظاهر أن يكف عن قتالهم حتى يعطوا الجزية نقدًا، إلا أن (٢) الدلالة قامت على وجوب الكف بالالتزام على شرط اليسار، ﴿عَن يَدٍ﴾ عن نعمةٍ منكم عليهم وذمة منكم لهم، وقيل: عن قهر. وقيل: عن نقد كقوله في حديث الربا: "يدًا بيد" (٣).
ومقدار الجزية ما روي عن عمر أنه بعث حذيفة بن (٤) اليمان وعثمان بن حنيف إلى السواد حتى وضعا عليهم الجزية، فصنفا الناس ثلاثة أصناف ووضعا على الأغنياء ثمانية وأربعين درهمًا، وعلى الأوساط المحتملين أربعة وعشرين، وعلى الفقراء المكتسبين اثني عشر درهمًا، ولم يوجبا على النساء والصبيان والفقراء الذين لا يقدرون على الكسب شيئًا (٥)، ودلت الآية على سقوط الجزية بالموت والإِسلام لفوات القتال، وفي الآية جواز أخذ الجزية عن أهل الكتاب وليس فيها نفي جوازه عن غيرهم.
وقد صح عنه -عليه السلام- (٦) جواز أخذها عن عبدة (٧) الأوثان من العجم (٨) وعن مجوس هجَر وهم عبدة النيران (٩).

(١) البخاري (٢٨٥١)، ومسلم (١٧٤٤).
(٢) في الأصل: (الآن).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب: المساقاة، باب الصرف (٥/ ٢٦٦)، والنسائي (٧/ ٢٧٤)، والإمام أحمد (٢/ ١٠٩).
(٤) (بن) ليست في الأصل.
(٥) فعل عمر ذلك ذكره مالك في الموطأ (٣٣٣)، وابن أبي شيبة (٢/ ٤٣٠) (٦/ ٤٢٩) وغيرهم، أما حادثة بعث حذيفة فلم أجدها، وأما عثمان بن حنيف فذكره ابن عبد البر في الاستذكار (٣/ ٢٤٦).
(٦) (السلام) ليست في "ي".
(٧) في "أ": (عهده).
(٨) يقصد ما قاله المغيرة بن شعبة لرستم قبيل معركة القادسية عندما خيره بين الإسلام أو الجزية، وانظر ابن أبي حاتم (٦/ ١٧٨٠).
(٩) ابن أبي شيبة (١٢/ ٢٤٣).


الصفحة التالية
Icon