بالأَهلَّة وعدّوا ثلاثين إذا لم يروا الهلال واتخذوا المغاربة من اليهود رؤوس شهورهم من ليلة القدر. ﴿مِنْهَا﴾ من جملة المشهور الاثني عشر، ﴿أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ محرمة وهي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ثلاثة سرد وواحد فرد، وتحريمها تحريم القتال فيها على وجه الابتداء، وكان هذا الحكم فيها بين العرب وفي ابتداء الإسلام وهو اليوم منسوخ، ولا يعرف له ناسخ (١)، وقيل: تحريمها تشريفها وتعظيمها ليكون الثواب فيهنّ أعظم وكذلك العقاب، ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ﴾ في هذه الأشهر الأربعة، ويجوز تخصيص النهي مع كونه عامًا كقوله في الحرم: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ﴾ [الحج: ٢٥] الآية.
وفائدة تعظيم الذنب في الزمان والمكان كفائدة تفضيل (٢) العمل فيهما، كما أنه يجوز أن يكون حالًا للمأمورين ثم يسقط الفرض عن القاعدين بكفاية المجاهدين، ويجوز أن يكون حالًا للمشركين ثم تخصيص هذا العموم في آية الجزية.
﴿لِيُوَاطِئُوا﴾ ليوافقوا ويماثلوا، وأصله أن تطأ سيرة غيرك، والهمز وترك الهمز لغتان. محمَّد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال: كان الناسىء رجلًا من كنانة يقال له: نعيم بن ثعلبة بن عوف (٣)، وكان يكون على الناس بالموسم (٤) فإذا همَّ الناس بالصدور وفرغوا عن حجهم قام فخطب الناس، وقال: يا أيها الناس، أنا الذي

(١) بل ناسخهُ قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ﴾ [البقرة: ٢١٧] الآية. وانظر: ابن جرير (٢/ ٣٩٥)، والناسخ والمنسوخ للنحاس (١٢٤).
(٢) في الأصل: (تفضيله).
(٣) ورد عند القرطبي (٨/ ١٢٥)، والبغوي (١/ ٤٥)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٣/ ٤٣٥) أنه نعيم بن ثعلبة من بني كنانة، ثم كان بعده جنادة بن عوف، أما نعيم عن ثعلبة بن عوف فلم أجده.
وليس في روايات الكلبي ذكر لجده عوف، وإنما جنادة بن عوف فلعله اختلط على المؤلف الاسم الأول مع الثاني.
(٤) في الأصل: (على الموسم).


الصفحة التالية
Icon