وقال ابن عباس: في الآية تقديم وتأخير، فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم في الحياة (١) الدنيا (٢)، ﴿وَتَزْهَقَ﴾ تتلاشى وتبطل.
﴿يَفْرَقُونَ﴾ الفرق: الخوف والخشية وفيه دليل أن من تحقق خوفه من غير الله لم يكن مؤمنًا، وفي الحديث: "لا يجتمع البخل والجبن في قلب مؤمن ولا يجتمع الشجاعة والسخاوة في قلب منافق" (٣).
﴿مَلْجَأً﴾ مفرًا وملاذًا، ﴿أَوْ مَغَارَاتٍ﴾ كل ما يغور الإنسان فيه وهو أن يستتر، يقال: غارت الشمس، أي: غابت، ومنه الغور (٤) والغار (٥)، ﴿أَوْ مُدَّخَلًا﴾ أصله مدْتخلًا على وزن مفتعل (٦)، وفي قراءة ابن مسعود

(١) ورد عن قتادة عند ابن أبي حاتم (٦/ ١٨١٣)، وعند الطبري (١١/ ٥٠٠)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور (٣/ ٢٤٩) إلى ابن المنذر وأبي الشيخ ولم نجده عن ابن عباس.
(٢) (الدنيا) ليست في "أ" "ي".
(٣) الحديث ورد عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "لا يجتمع الكفر والإيمان في قلب امرئ، ولا يجتمع الصدق والكذب جميعًا، ولا تجتمع الخيانة والأمانة جميعًا" أخرجه الإمام أحمد في المسند وفيه عبد الله بن لهيعة وهو ضعيف، انظر: مجمع الزوائد (١/ ١٢٢).
(٤) في "أ": (الغوراء) وسقطت (والغار).
(٥) إذا كانت بفتح الميم "مَغَارات" فهي من غار يغير، وإذا كانت بالضم "مُغارات" فهي من أغار يغير، قاله النحاس، ونقله عن الأخفش، وقراءة الضم هي قراءة سعيد بن جبير وابن أبي عبلة، والمغارة هي الغار والنقب الذي يكون في الجبل ويجوز أن يكون معناه السرب في الأرض.
[إعراب القرآن للنحاس (٣/ ٢٥)، الدر المصون (٦/ ٦٨)، زاد المسير (٢/ ٢٦٨)].
(٦) أي أدغمت الد الذي تاء الافتعال؛ لأن الدال مجهورة والتاء مهموسة وهما من مخرج واحد، وهذه الكلمة فيها خمس قراءات: الأولى: قراءة الجمهور: ﴿مُدَّخَلًا﴾ [التوبة: ٥٧]، والثانية: قراءة قتادة وعيسى والأعمش بضم الميم وتشديد الدال والخاء مع فتحهما ﴿مدَّخَّلا﴾، والثالثة: قراءة أبي وابن مسعود ﴿مُتَدَخَّلًا﴾، والرابعة: قراءة الحسن وابن أبي إسحاق وابن محيصن بفتح الميم وسكون الدال وفتح الخاء ﴿مَدْخَلا﴾، والخامسة: نقلها الزجاج بضم الميم وسكون الدال وفتح الخاء ﴿مُدْخَلا﴾.
[زاد المسير (٢/ ٢٦٨)، إعراب القرآن للنحاس (٣/ ٢٦)، مختصر ابن خالويه (ص ٥٣)، البحر (٥/ ٥٥)].


الصفحة التالية
Icon