كانوا أربعة نفر والذي لم يكن يتكلم هو المختبي، وقيل: المخشي بن خمير وكيفية حذرهم عن نزول السورة أنهم يظنون أن هذه السورة من جهة النبي -عليه السلام- يتقولها من جهة نفسه فيهم وفي أمثالهم فكانوا يكتمون عنه كفرهم لئلا ينزل من جهته الرفيعة شيء في شأنهم الوضيع (١)، ويحتمل أنه خبر بمعنى الأمر، أي: فليحذر المنافقون.
﴿طَائِفَةً﴾ اسم يقع على الواحد والجماعة، ﴿إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ﴾ هو الذي لم يكن يتكلم واعترف بذنبه، وقال: استغفر لي يا رسول الله، والطائفة المحتوم على عذابها سائر الركب.
﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ﴾ قال قتادة: كانوا يسمون هذه السورة الفاضحة (٢) لأنها فضحت المنافقين لم تزل تنزل فيها: ومنهم ومنهم حتى لم تترك منافقًا إلا نبهت عليه، وعن قتادة أيضًا: كنا نسمي هذه السورة المثيرة (٣) لأنها أثارت مثالب المنافقين ومخازيهم. وعن الحسن كانوا يسمونها الحفارة (٤) لأنها حفرت فاستخرجت ما في قلوب المنافقين.
وعن عطاء أن سبعين رجلًا من المنافقين أنزل الله أسماءهم ثم نسخ تلك الأسماء (٥) رحمة منه على خلقه، فإن أولادهم وعشائرهم كانوا مسلمين.
وقيل: لما رجع رسول الله (٦) من غزوة تبوك عرض له في الطريق اثنا عشر نفسًا من المنافقين في ليلة ظلماء متنكرين يريدون الفتك برسول الله، ووإن عمار بن ياسر يقول راحلة رسول الله - ﷺ - وحذيفة

(١) زاد المسير (٣/ ٤٦٣).
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور (٧/ ٢٢٥) لأبي الشيخ من طريق ابن عباس، وذكره أبو عبيد في فضائل القرآن (١٣٠).
(٣) أورده السيوطي في الدر الممئور (٧/ ٢٢٦) وعزاه لابن المنذر ولمحمد بن إسحاق.
(٤) ذكره القرطبي عن الحسن (٨/ ١٨٠).
(٥) القرطبي عن ابن عباس (٨/ ١٨).
(٦) في "ب": (رسول الله - ﷺ -).


الصفحة التالية
Icon