المسخ (١)، وأخرج إبليس على سبيل الطرد واللعن وكان من الصاغرين، وفي الحديث: "إن الله تعالى يقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربنا وقد بيضت وجوهنا ويسرت لنا الحساب وأنقذتنا من النار وأجزتنا على الصراط وأدخلتنا الجنة؟! فيقول الله سبحانه وتعالى: إن لكم عندي أفضل من ذلك، فيقولون: وما ذلك يا ربنا؟ فيقول الله تعالى: رضائي عنكم فلا أسخط عليكم أبدًا" (٢).
و (مجاهدة المنافقين) هو التعنيف في الملامة والإنذار والتعزير والحبس ما لم يظهروا أمرهم فإذا أظهر أمرهم فالسيف، ومن علم منهم أنه يتوب بلسانه تقية لم تقبل توبته، و (الغلظة) ضد الرقة ولا تصلح المجاهدة بغير غلظة كما لا تصلح المسالمة بغير رفق.
﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا﴾ هو قول الجلاس بن سويد (٣): إن كان ما يقوله محمَّد حقًا فنحن شر (٤) من حمير، وقيل: قولهم: ﴿لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ﴾ [المنافقون: ٨] لنقعدن على رأس ابن أُبي تاجًا (٥)، وقيل: قولهم: ﴿لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾ [المنافقون: ٨]، وكلمة الكفر: كل كلمة تخالف مقتضى الإسلام، وفي الآية دلالة أن الإيمان والإسلام واحد.
﴿وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا﴾ قصدهم الفتك، ﴿وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ في إغناء الله إياهم بالغنائم الإسلامية تحت الراية النبوية حتى صاروا أهل كنوز وصهيل بعد أن كانوا أهل زرع ونخيل، ﴿إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ﴾ بيُمن رسوله قابلوه بالعيب والطعن والمكر وبطروا وكفروا
(٢) البخاري (٦٥٤٩)، ومسلم (٢٨٢٩).
(٣) مرّ الكلام عليه.
(٤) (شر) ليست في "أ".
(٥) ابن أبي حاتم (٦/ ١٨٤٥).