بي، ففعلا فقال ثعلبة: ما أرى هذه إلا أخية الجزية، انطلقا حتى ألقى رسول الله - ﷺ - (١) فأنزل الله على رسوله - ﷺ - (٢): ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ﴾ فركب رجل من الأنصار ابن عم ثعلبة راحلة حتى أتى ثعلبة، فقال: ويحك ثعلبة، هلكت فأنزل الله فيك من القرآن كذا، فأقبل ثعلبة وقد وضع على رأسه التراب وهو يبكي ويقول: يا رسول الله، فلم يقبل منه رسول الله - ﷺ - (٢) صدقته حتى قبض رسول الله (٣) - ﷺ - (٢)، ثم أتى أبا بكر، فقال: يا أبا بكر قد عرفت موضعي من قومي ومكانتي من رسول الله - ﷺ - (٢) فاقبل صدقتي، فأبى أن يقبل منه، ثم أتى عمر فأبى أن يقبل منه، ثم أتى عثمان فأبى أن يقبل منه. ثم مات ثعلبة في خلافة عثمان - رضي الله عنه - وترك قتل ثعلبة مع ظهور نفاقه (٤)، وقوله: ﴿مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (٦١)﴾ [الأحزاب: ٦١] إما لكراهة تنفير قلوب ووقوع الفتنة فيما بينهم كما روينا في حديث حذيفة حيث أرادوا الفتك به، وإما لأنه لم يصرح باسم ثعلبة ولم يعينه وهو لم يعد تصريح كفر بل كان يعتذر ويتضرع. وينبغي للمسلم الرضا بالقسمة وترك الاختيار والتسليم لله والوفاء بالعهود، فإن ثعلبة لو رضي باليسير من الرزق وترك مطالبة رسول الله (٥) بما يتمناه، لما شُغِل عن الجمع والجماعات، ولو سلم الله أمره ولم يسم الزكاة أخيّة الجزية لما أعقبه الله في قلبه نفاقًا، ولو وفي بعهده لما افتضح في الدنيا والآخرة.

(١) (- ﷺ -) ليست في "أ".
(٢) (- ﷺ -) ليست في "أ" "ب".
(٣) في "ي" "أ": (الله رسول).
(٤) ابن أبي حاتم (٦/ ١٨٤٧)، والطبراني في الكبير (٥/ ٢٢٥) (٨/ ٢٦٠)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (١٣٧٥)، والبيهقي في الدلائل (٥/ ٢٨٩)، وابن عساكر في تاريخه (١٢/ ٩)، والحديث استنكره ابن حجر والألباني وغيرهما، ونكارته سندًا ومتنًا لأن ثعلبة شهد بدرًا ولا يدخل النار أحد شهد بدرًا والحديبية، وقال البيهقي في الدلائل (٥/ ٢٨٩): هذا حديث مشهور عند أهل التفسير وأسانيده ضعاف.
(٥) في "ب": (رسول الله - ﷺ -).


الصفحة التالية
Icon