يتوجه أيضًا، فإن تغير الاسم غير تغير الصفة، فثبت أن المراد بعبادة الأسماء عبادة ألفاظ لا معاني لها لأنهم توهموا أرواحًا (١) قادرة (٢) مدبرة وأنفسًا إلهية، فوضعوا الأسماء وزعموا أنها تحل (٣) ما استحيوه في المشاهدة من جسد أو حجر أو شجر، وما توهموه معدوم، وما يشاهدونه يكون قبله فلا يبقي المعدوم إلا ألفاظًا مهملة لتدعوها بها، أي العبادة أو الأسماء أو الموهومات المسماة، ﴿سُلْطَانٍ﴾ بحجة ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ دليل أن الله منفرد بمشيئة التكوين والإبقاء والإفناء لينفرد باستحقاق العبادة.
﴿فَيَسْقِي رَبَّهُ﴾ سيده ﴿خَمْرًا﴾ وصاحبه ﴿ظَنَّ﴾ تيقن (٤) وعلم، وقيل: أراد غلبة أحد النقيضين من الموهوم؛ لأن يوسف لم يتيقن وإنما قال: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ بأن الأمور معلقة بالأسباب، وطلب الخير مباح بالاكتساب كقوله لأعرابي: "اعقل ناقتك وتوكل" ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ﴾ أي الغلام الناجي ﴿ذِكْرَ رَبِّهِ﴾ عند ربه ﴿بِضْعَ﴾ ما بين الثلاث إلى التسع وأراد سبع سنين، وقيل: لبث سبعًا بعد خمس سنين.
﴿إِنِّي أَرَى﴾ وإنما لم يذكر النوم لدلالة الحال، وقال إبراهيم: ﴿إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ﴾ [الصافات: ١٠٢] لئلا يلتبس الرأي بالرأي الذي هو العزم ﴿سِمَانٍ﴾ جمع سمين كغلاظ وغليظ، وهو ضد المهزول، و (العجاف): المهازيل ﴿سُنْبُلَاتٍ﴾ جمع سنبلة والسنابل جمع تكسير.
﴿أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ﴾ خبر مبتدأ محذوف كقوله: ﴿قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ [النحل: ٢٤] و (الضغث) حزمة أو باقة من بقل أو حشيش أو حطب، وإنما

(١) (أرواحًا) سقطت من الأصل.
(٢) في "ب": (أرواحًا مدبرة).
(٣) في "أ" "ي": (تحلها).
(٤) إطلاق الظن بمعنى اليقين وارد في كلام العرب ومنه قوله تعالى: ﴿وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا...﴾ [الكهف: ٥٣].


الصفحة التالية
Icon