الحيلة، فلما ذكر إخوة يوسف ذلك الأمر بأقبح صورة، فساء يوسف قولهم: ﴿قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا﴾ منزلة.
﴿مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ﴾ ولم يقل: إلا السارق لأنه علم أن بنيامين ليس بسارق، فلذلك عرض قوله: ﴿إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ﴾ إن أمسكنا غير بنيامين لأن بنيامين (١) كان راضيًا بالإمساك وغيره لم يكن راضيًا به.
﴿فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا﴾ افتعال من اليأس أو من الإياس (٢)، ﴿خَلَصُوا نَجِيًّا﴾ خرجوا متناجين ﴿أَلَمْ تَعْلَمُوا﴾ تفريطكم فيه من قبل ﴿كَبِيرُهُمْ﴾ كعب: أنه روبيل أكبرهم سنًا (٣)، وهب: يهودا كان أرجحهم عقلًا (٤)، ﴿أَبْرَحَ﴾ أزول ﴿أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ﴾ في تخليص بنيامين والرجوع معه.
﴿إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا﴾ أي بما علمنا من طريق المشاهدة، وهو استخراج الصاع من رحله ﴿وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ﴾ لما لم نشاهده من كيفية (٥) الدس: أكان كدس البضاعة في رحالنا أول مرة، أو كان خيانة من جهة بنيامين؟.
كان يعقوب -عليه السلام- برده عليهم بقوله: ﴿بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ (٦) صادقًا لأن بنيامين لم يكن سرق في الحقيقة، وفي ﴿سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا﴾ صادقًا أيضًا؛ لأن هذه الحادثة الثانية كانت من جريرة أنفسهم إياهم أول مرة في شأن يوسف -عليه السلام- ﴿بِهِمْ﴾ بيوسف وبنيامين وكبيرهم.

(١) (لأن بنيامين) ليست في الأصل.
(٢) في "أ": (الباس).
(٣) هذا مروي عن قتادة كما عند ابن جرير (١٣/ ٢٨٣)، وابن أبي حاتم (٧/ ٢١٨١). وأما عن كعب فلم نجده.
(٤) عزاه لابن عباس من طريق أبي صالح ابن الجوزي في زاد المسير (٤/ ٢٦٦).
(٥) في "ب": (لا من كيفية).
(٦) (أنفسكم أمرًا) ليست في "ب" "ي".


الصفحة التالية
Icon