﴿قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ﴾ عرصات متلاصقات (١) وفائدتها الامتنان أو التنبيه على لطف الصنعة في المخالفة مع طبائعها مع قرب المجاورة في حق الطوالِع والغوارب والرياح والأمطار، ﴿صِنْوَانٌ﴾ جمع صنو مثلها الثابت من أصلها (٢)، والفائدة في ذكر الصنوان وغير صنوان الامتنان بالنوعين أو التنبيه على أن الفرع معدوم وموهوم أو مظنون.
﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ﴾ عجبوا لبعده عن قياس العقل ﴿أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ أي إنا لنبعث في خلقة جديدة ﴿أُولَئِكَ﴾ إشارة إلى المستعجبين ﴿الْأَغْلَالُ﴾ جمع غل وهو طوق إصر وصغار، والمراد به الذنوب والذي أُعدَّ لهم من أغلال (٣) النار في دار القرار.
﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ﴾ بالكفر قبل الإيمان لمن قدر له الإيمان، وقيل: امتياز الخبيث من الطيب، وليس ذلك من سُنّة الله تعالى لأنه قد ﴿خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ﴾ والأشباه والنظائر (٤) ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب: ٦٢]؛ لأنَّ الأمم لم يهلكوا إلا بعد امتيازهم من المؤمنين.
عن ابن المسيب، قال: لما نزلت ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ﴾ الآية قال -عليه السلام-:

(١) المراد بـ (القطع المتجاورات) هي قطع الأرض مع أنها متجاورات متقاربات يقرب بعضها من بعض، فهي تختلف في أشكالها وألوانها وصفاتها وتضاريسها، وكما قال ابن عباس ومجاهد فمنها السبخة والعذبة والمالح والطيب تنبت هذه وهذه إلى جنبها لا تنبت.
[تفسير الطبري (١٣/ ٤١٦)].
(٢) روي ذلك عن البراء بن عازب أخرجه الطبري وقال: هي النخلة التي إلى جنبها نخلات إلى أصلها "وغير صنوان" النخلة وحدها، أي: مجتمعة ومتفرقة. [الطبري (١٣/ ٤٢١)، ابن أبي حاتم (٧/ ٢٢٢٠)].
(٣) في الأصل و "ب": (الأغلال).
(٤) أي وقائع الله في الأمم فيمن خلا قبلكم كما قال قتادة، وقال مجاهد: المثلات: الأمثال.
[تفسير الطبري (١٣/ ٤٣٦)].


الصفحة التالية
Icon