مثلهم، وفي تعجبهم من تأخير العذاب والآيات الملجئة، فنفى الله تعالى وجه تعجيبهم، أو خِبر (١) بسنته فيما مضى من المرسلين والرسل واتصال قوله: ﴿إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ والمحو (٢) والإثبات عام في الأعيان والأحكام كلها و ﴿الْكِتَابِ﴾ هو ما قضى الله به من الحوادث في الأوهام أنها تكون أو تكاد تكون أو لا تكاد تكون و ﴿أُمُّ الْكِتَابِ﴾ كلمة الله التي لا تبديل لها (٣) لاختصاصها بحقيقة المراد في علم الله تعالى (٤).
﴿وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ﴾ أي إن أريناك في حياتك بعض ما نتوعد به الكافرين ونعد للمسلمين، أو إن توفيناك قبل وجود ذلك ولم نرك شيئًا منه فأنت مخبر صادق ليس عليك إلا البلاغ، وكأنهم توهموا أن النبي - ﷺ - (٥) لو لم يأت بنفسه بهذه المواعيد لكان كاذبًا فبين أن صدقه (٦) غير متوقف على شيء.
﴿نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ إن كان المراد قريش فنقصان الأرض من أطرافها فتح القرى حول مكة (٧)، وإن كان الكفار فحيز الكفر إلى أقطار الأرض باتساع دولة الإسلام، وإن كان جميع الناس فتراجع الأعمار إلى القصر وعوفى القوي ضعيفًا وشيبة واستحالة الصلاح إلى الفساد وقلة نماء الحرث والنسل وذهاب الفقهاء والخيار، قال -عليه السلام-: "ما مات مسلم إلا
(٢) في"أ": (والمحق).
(٣) (لها) ليست في "ب".
(٤) ما ذكره المؤلف لا يخرج عما فسره ابن عباس - رضي الله عنهما - وقتادة والضحاك، وهو جملة الكتاب وأصله وعلمه سبحانه وتعالى، وما فيه من ناسخ ومنسوخ وما يبدل وما يثبت كل ذلك عنده سبحانه وتعالى في كتاب، وقد سأل ابن عباس - رضي الله عنهما - كعبًا عن أم الكتاب فقال: علم الله ما هو خالق وما خَلْقُهُ عاملون، فقال لعلمه: كن كتابًا. فكان كتابًا.
[تفسير الطبري (١٣/ ٥٧٢)].
(٥) بدل (- ﷺ -) في "أ": (-عليه السلام-).
(٦) في الأصل: (صدق).
(٧) روي ذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، أخرجه الطبري في تفسيره (١٣/ ٥٧٤).