اطْمِسْ} [يونس: ٨٨]، وقول لوط: ﴿رَبِّ انْصُرْنِي﴾ [المؤمنون: ٢٦]، وإليه ذهب مجاهد وقتادة، وعن ابن عباس ومقاتل: استفتاح الكفار (١) كقوله: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ﴾ [يونس: ٤٨] فأتنا به، ﴿فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾.
﴿مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ﴾ أي هو على شفا حفرة منها (٢) ومآله إليها ﴿مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ﴾ ممتزج من القيح والدم (٣)، ووصف الماء به لمعنيين: التشبيه أنه ماء أنتن وتكدّر بالإحماء (٤) والغلي، والعرب تسمي الماء الحار بالشمس صديدًا، أو الثاني اعتبار حقيقة العنصر، فإن اسم الماء يشتمل على جنس المياهات بهذا (٥) الاعتبار، ألا ترى سمّوا النطفة ماء.
﴿يَتَجَرَّعُهُ﴾ يتكلف الشرب قليلًا قليلًا جُرْعَة جرعَة. ﴿وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ﴾ يستوجبه المتجرع ولا يكاد يستمرئه للتضاد وعدم الإيجاد، ثم تقبله الطبيعة قهرًا لعجزها (٦) عن دفعه فيفسد المزاج (٧) ولا علاج، ﴿وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ﴾ أي يعرض له أسباب الموت من كل جهة وفي كل عضو وعرق ولا يموت (٨) لوجود الخلود في النار ذات الوقود، ﴿وَمِنْ وَرَائِهِ﴾ سوى هذا العذاب، ﴿عَذَابٌ غَلِيظٌ﴾.
﴿مَثَلُ الَّذِينَ﴾ (٩) أي هذا مثل الذين كفروا على سبيل ترجمة والفصل في الكتاب كقوله: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾ [الرعد: ٣٥]،
(٢) من قوله: (أي هو) إلى هنا ليست في "أ".
(٣) قاله مجاهد والضحاك. أخرجه الطبري في تفسيره (١٣/ ٦١٩)، تفسير مجاهد
(ص ٤١٠)، ومن طريقه البيهقيِ في البعث والنشور (٦٠٧).
(٤) في "أ": (بالأحجار).
(٥) في الأصل: (بهذه).
(٦) في الأصل: (لمعجزها).
(٧) في "أ": (الحجاز).
(٨) في الأصل: (تموت).
(٩) في الأصل: (مثل الذين كفروا).