﴿الْمُسْتَقْدِمِينَ﴾ من (١) القرون الماضية و ﴿الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾ القرون الباقين عن مجاهد (٢)، وهم المسارعون في الخيرات والمتثاقلون عنها عن الحسن (٣)، وهم من يسلم ومن لا يسلم عن سفيان بن عيينة (٤).
وروى الكلبي عن ابن عباس: أنّها نزلت بالمدينة في الذين قصدوا بيع دُورهم القاصية عن المسجد، واشتروا دورًا قريبة من المسجد لازدحامهم على الصف الأول (٥)، فعلى هذا القول مكية إلاّ هذه الآية أو الآية نزلت مرّتين.
وعن أبي الجوزاء، عن ابن عباس: نزلت في الذين كانوا يستأخرون في الصلاة إلى الصف الأخير لينظروا في سجودهم من تحت آباطهم إلى امرأة حسناء كانت تشهد الجماعة مع النساء (٦)، ورُوِيَ موقوفًا على أبي الجوزاء (٧).
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ﴾ اتّصالها بما جرى من ذكر العالم الأكبر حسن عطف العالم الأصغر والنفس عليها، وقيل: لما جرى ذكر المستقدمين والمستأخرين حسن ذكر ابتداء تخليقهم ليكون أوّل الأمر شاهد الآخرة.

(١) (من) من الأصل.
(٢) عبد الرزّاق في تفسيره (١/ ٣٤٨)، وابن جرير (١٤/ ٥٢).
(٣) البغوي في تفسيره (٣٧٧)، وابن الجوزي في زاد المسير (٤/ ٣٩٥).
(٤) البغوي في تفسيره (٣٧٧).
(٥) عزاه ابن الجوزي في "زاد المسير" (٤/ ٣٩٥) لابن عباس من طريق أبي صالح.
(٦) الترمذي (٣١٢٢)، والنسائي (٢/ ١١٨)، وفي الكبرى (١١٢٧٣)، وابن ماجه (١٠٤٦)، وأحمد (١/ ٣٠٥)، والطيالسي (٢٨٣٥)، وابن جرير (١٤/ ٥٣، ٥٤)، وعزاه ابن كثير لتفسير ابن أبي حاتم. ورواه كذلك الطبراني في الكبير (١٢٧٩١)، والحاكم (٢/ ٣٥٣)، والبيهقي في السنن الكبرى (٣/ ٩٨)، والحديث ضعفه الحافظ ابن كثير بقوله: (غريب جدًا فيه نكارة شديدة). ومن المعاصرين محقّقو المسند. أما الشيخ ناصر، فصححه في الصحيحة (٢٤٧٢).
(٧) أبو الجوزاء أوس بن عبد الله البصري ليس بصحابي، والموقوف لا يكون إلا على الصحابيّ، وسبب النزول هذا رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وتقدَّم ذكر ذلك.


الصفحة التالية
Icon