منفصل كالنفار بين الماء والنار، وأن التّناسل بين القبيلين ممكن، وأن هذين مع سائر الحيوان من مواليد برهم وبشن، وهما زوجان زوجان ألهمهما الله تعالى أن يتوالدا بمواضعة غير المباضعة، وبرهم أفضلهما وأطولهما عمرًا، وله نهار مشتمل على ألف حنزجول، وكل حنزجول مشتمل على (١) أربعة أقسام من الزمان، وكل قسم مشتمل على كذا وكذا ماية ألف سنة، وليله مثل نهاره، ثم تلاشى بإذن الله تعالى، قالوا: فيتوالد على هذه الصفة، فولد الملائكة وأهل الجنّة والجن والشياطين أولًا ثم ولدا سائر المواليد وتوالدت من مواليدهما كذلك، ويشهد لهذا القول مسمّيات العرب الحسن، وزعموا أنّه المتولّد بين الجن والإنس كبلقيس والعملوق بين الجن والآدمي، والسعلاة (٢) والغيلان بين الملك والإنسة (٣)، والنساس (٤) بين الشقّ والإنسان، وقيل: هم يأجوج ومأجوج والدواب بين بعض الحيوان والنبات، ولا يوجب شيئًا من هذه الأقاويل علماؤنا.
﴿السَّمُومِ﴾ الريح الحارة (٥)، فيه دليل على أنّهم لم يخلقوا من النار الخالصة (٦)، وقال: ﴿مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ﴾ [الرحمن: ١٥]، وهي المختلط بغيرها من دخان أو ريح أو دهن، وذكر صاحب السنّة (٧) أنّ الملائكة مخلوقون

(١) من قوله (ألف) إلى هنا ليست في "أ".
(٢) في "ب": (السعلان).
(٣) في "أ": (الإنسية).
(٤) في "أ": (النسناس).
(٥) قاله ابن مسعود - رضي الله عنه - وابن عباس - رضي الله عنهما -، والسموم في اللغة: الريح الحارة وفيها نار.
قال ابن السّائب: هي نار لا دخان لها.
[زاد المسير (٤/ ٤٠٠)، تفسير القرطبي (١٠/ ٢٣)].
(٦) والنار الخالصة هي نار جهنم، فهي تختلف عن نار الدنيا، ولذا قال عليه الصّلاة والسّلام: "ناركم جزء من سبعين جزءًا من نار جهنّم"، قيل: يا رسول الله، إنْ كانت لكافية، قال: "فضلت عليهنّ بتسعةِ وتسعين جزءًا كلهنّ مثل حرّها"، أخرجه البخاري في صحيحه (٦/ ٢٣٨)، ومسلم في صحيحه (٤/ ٢١٨٤) عن أبي هريرة - ولذا قال ابن مسعود: نار السموم التي خلق الله منها الجان جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم.
(٧) لا ندري مَنْ هو صاحب السُّنَّة الذي يعنيه المؤلف، وليس من عادة المؤلف أن يذكره،=


الصفحة التالية
Icon