﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾ شهادة أن لا إله إلَّا الله ﴿وَالْإِحْسَانِ﴾ القيام بالفرائض ﴿وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى﴾ صلتهم ﴿عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ ما لا يعرف في شريعة ولا سنة، وقيل: ما وعد الله عليه النار ﴿وَالْبَغْيِ﴾ الاستطالة توكيدها تشديدها وتوثيقها.
﴿كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا﴾ أي كامرأة تنقض غزلها، ومن شرط الأمثال التصور دون الوجود، وزعم الكلبي أنها امرأة قرشية حمقاء كانت في قديم الدهر تسمى ريطة (١) وتلقب جعراء، كانت تغزل بمغزل مثل غلظ الذراع والصدارة مثل الإصبع وفلكة عظيمة فأبرمته وأمرت جاريتها فنقضته ﴿أَنْكَاثًا﴾ فنهى الله هذه الأمة أن تكون مثلها، والأنكاث جمع نكث (٢) ﴿دَخَلًا﴾ دَغْلًا ومكرًا وخديعة (٣) ﴿أَنْ تَكُونَ﴾ أو بأن تكون أو كراهة أن تكون قبيلة أكثر عَددًا أو عِددًا من قبيلة. قال ابن عباس: كان بين كندة وبين مراد (٤) قتال حتى كلّ الظهر، ثم تواعدوا ستة أشهر حتى يصلح الظهر وتجم الخيل، فلما مضت خمسة أشهر أمر قيس بن معدي كرب قومه بالتوجه إليهم فقالوا: قد بقي من الأجل شهر، فمكث حتى علم أنه بايتهم بعد انقضاء الأجل ثم سار إليهم فإذا هو يوم انقضاء الأجل فقتلوه

(١) سماها القرطبي (١٠/ ١٥٣) (ريطة بنت عمرو بن كعب)، وانظر كذلك زاد المسير (٤/ ٤٨٥).
(٢) ومعناه: أنقاض، قال ابن قتية: الأنكاث: ما نقض من غزل الشعر وغيره. ومعنى الآية: لا تؤكدوا على أنفسكم الأيمان والعهود ثم تنقضوا ذلك وتحنثوا فيه فتكون كامرأةٍ غزلت ونسجت ثم نقضت ذلك النسج. ذكر هذا المعنى ابن الجوزي في تفسيره.
[زاد المسير (٢/ ٥٨٠)].
(٣) [قاله ابن الجوزي. زاد المسير (٢/ ٥٨٠)].
(٤) لم نجد هذا عن ابن عباس، والذي ورد عنه في هذه الآية أنه قال: ناس أكثر من ناس. أخرجه الطبري وابن أبي حاتم، وهو ما ذكره اللغويون في معنى "أربى" ومنه سمي الربا؛ لأن فيه معنى الزيادة، ومنه قول الشاعر وينسب إلى حاتم الطائي:
وأسْمَرَ خَطِّيُّ كأنَّ كعوبه نوى القَسْبِ قد أَرْبَى ذراعًا على العَشْرِ
[تفسير الطبري (١٤/ ٣٤٥)، تفسير ابن أبي حاتم (٧/ ٢٣٠٠)، ديوان حاتم (ص ٢٥٣)].


الصفحة التالية
Icon