﴿إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ﴾ قال ابن عباس (١): أمرهم موسى -عليه السلام- بيوم الجمعة فقال يفرغون إلى الله في كل سبعة أيام يومًا واحدًا، فاعبدوه في يوم الجمعة ولا تعملوا فيه شيئًا من صنيعكم وستة أيام بصناعتكم، فأبوا أن يقبلوا ذلك وقالوا: لا ينبغي إلا اليوم الذي فرغ فيه من الخلق يوم السبت، فجعل ذلك عليهم وشدد عليهم، ثم جاءهم عيسى ابن مريم -عليه السلام- بالجمعة بعده فقالوا: لا نريد أن يكون عيدهم بعد عيدنا يعنون به اليهود، فاتخذوا اليهود بقول الله: ﴿إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ﴾ وقيل: الضمير عائد إلى إبراهيم -عليه السلام- (٢) ﴿اخْتَلَفُوا﴾ أنه كان يهوديًا أو نصرانيًا.
﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ﴾ الآية منسوخة بآية السيف وليس فيها ما يوجب كونها منسوخة (٣).
﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ﴾ عن أبي بن كعب: لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلًا ومن المهاجرين ستة منهم حمزة فمثلوا بهم، فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم مثل هذا لنربينَّ عليهم، فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ﴾ الآية فقال رجل: لا قريش بعد اليوم، فقال -عليه السلام-: "كفوا عن القوم إلا أربعة" (٤).

(١) عزاه لابن عباس من طريق أبي صالح ابن الجوزي في زاد المسير (٤/ ٥٠٥).
(٢) لا وجه في عود الضمير إلى إبراهيم -عليه السلام- في قوله: "اختلفوا فيه"، وعامة المفسرين على أن الضمير عائد إلى السبت الذي اختلفت فيه اليهود مع موسى -عليه السلام-.
انظر: [تفسير الطبري (١٤/ ٣٩٩)، زاد المسير (٢/ ٥٩٢)، معاني القرآن للفراء (٢/ ١١٤)، ابن كثير (٢/ ٧٣٠)].
(٣) ذكر ابن كثير وابن الجوزي والقرطبي وغيرهم أنها منسوخة بآية السيف لكن فصل القرطبي تفصيلًا جيدًا فقال: هي محكمة في جهة العصاة من الموحدين ومنسوخة بالقتال في حق الكافرين، وقد قيل: إن من أمكنت معه هذه الأحوال من الكفار ورجي إيمانه بها دون قتال فهي فيه محكمة.
[تفسير القرطبي (١٠/ ٢٠٠)، زاد المسير (٢/ ٥٩٣)، تفسير ابن كثير (٢/ ٧٣١)].
(٤) الترمذي (٣١٢٩)، وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد (٥/ ١٣٥)، والنسائي في الكبرى (١١٢٦٩)، وابن حبان (٤٨٧)، والطبراني في الكبير (٢٩٣٧)، والحاكم (٢/ ٣٥٨، ٣٥٩)، والبيهقي في الدلائل (٣/ ٢٨٩) والحديث حسن.


الصفحة التالية
Icon