أكل طعامًا، قال: الحمد لله الذي أطعمني ولو شاء أجاعني، وإذا شرب شرابًا، قال: الحمد لله الذي سقاني ولو شاء أظمأني، وإذا اكتسى قال: الحمد لله الذي كساني ولو شاء أعراني، وإذا احتذى قال: الحمد لله الذي حذاني (١) ولو شاء أحفاني، وإذا قضى حاجته قال: الحمد لله الذي أخرج عني أذاه في عافية ولو شاء حبسه (٢).
﴿وَقَضَيْنَا﴾ أوحينا وأعلمنا كقوله: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ﴾ [الحجر: ٦٦] ﴿وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا﴾ أي: لتعتُنَّ عتوًا كبيرًا، ومنه قوله: ﴿أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ﴾ [النمل: ٣١]، وقوله: ﴿لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا في الْأَرْضِ﴾ [القصص: ٨٣] ﴿وَعْدًا مَفْعُولًا﴾ وعد أولى المرتين، ﴿فَجَاسُوا﴾ تخللوا فعتوا، و (الوعد المفعول) هو الضمان المأتي.
﴿لَكُمُ الْكَرَّةَ﴾ إليكم المنعة والقوة لتكروا عليهم فتخرجوهم من دياركم، ﴿نَفِيرًا﴾ عشيرة ورهطًا.
﴿فَلَهَا﴾ أي: فعليها، (إذا) ظرف زمان والعامل مضمر فيه تقديره: فإذا وعد الآخرة أنجزناه وحققناه وبعثناهم ليكونوا كذا وكذا، ﴿وَلِيُتَبِّرُوا﴾ وليهلكوا ما علوه إهلاكًا أو ليهلكوكم (٣) ما داموا عالين إهلاكًا.
لم يختلف أهل العلم في الموعود الأول: بخت نصر وأصحابه، ولكنهم اختلفوا في تعريفه ونسبته وعاقبة أمره، واختلفوا في الموعود الثاني: الكلبي (٤)، أنه كان ملك بابل غزا بيت المقدس وقتل أربعين ألفًا من قراء التوراة وسبق الباقين، فمكثوا في تلك المحنة تسعين سنة حتى
(٢) هذا ورد في عدة روايات مرفوعة منها ما ذكره ابن جرير (١٤/ ٤٥٢، ٤٥٣)، والحاكم (٢/ ٣٦٠)، والبيهقي في الشعب (٤٤٧١) وسنده ضعيف، ومنها ما رواه ابن أبي الدنيا في الشكر (١٢٧) وسنده ضعيف.
(٣) في الأصل: (ليهلكوا).
(٤) (الكلبي) ليست في "ب".