وابتلاه الله بعد هذا بملك اليمن يأسر ابن ينعم، قصده من صنعاء اليمن حتى نزل في تخوم أرضه ثم استولى عليها، وكان على دين سليمان -عليه السلام- (١)، وأنه غزا ديار بخت نصر منتقمًا لبني إسرائيل، قال الزهري: ثم ابتلاه الله ببعوضة كبعوضة (٢) نمرود وكانت سبب موته وكان ملكه خمسين سنة، وملك من بعده أخوه يستاسف ثم همن بن إسفنديار بن يستاسف وهو الذي رد بني إسرائيل إلى أوطانهم، والسبب في ذلك أنه تزوج بنت سالمال بن رجيعم بن سليمان -عليه السلام- وكانت تسمى أبراخت، فلما تزوج بها ملك أخاها روبابيل بن سمالمال بن رجيعم وسيَّره إلى أرض الشام.
ثم ذكر الشعبي أن الموعود الثاني ملك من ملوك الأهواز كان يسمى بخت نصر أيضًا سلَّطه الله بعد قتل يحيى بن زكريا -عليه السلام- وكان من نسل (٣) بخت نصر الأول، قال: وكان بين المرتين خمسماية عام. وذكر محمَّد بن جرير الطبري أن بخت نصر كان قائدًا من قواد سنحاريب الملك ملك بابل، وكان قد غزا بيت المقدس مع سنحاريب الملك في عهد حزقيا بن أحاب وهو ملك من ملوك بني إسرائيل، وكان بعد رجيعم بن سليمان بزمان طويل ورجع خائبًا خاسرًا، فلما هلك سنحاريب تحول بخت نصر إلى بهراسف الملك وهو سلح حينئذٍ فذكر له حديث الشام وطلب منه أن يوجهه إلى تلك النواحي وضمن له أن يفتحها له فأجابه بهراسف إلى ذلك وأمدَّه بالأموال والرجال، وكان من أمر بخت نصر ما كان ورجع إلى بابل فاتخذها دار مملكته في طاعة بهراسف ولم يكن بهراسف.
ثم إن بهراسف هلك وخلفه ابنه تشتاسف ورفع إليه حديث الشام وما كان من فساد بخت نصر في تلك النواحي، فاستقبح ذلك فكتب إليه يأمره (٤) بالرجوع إلى بابل وصرفه بكورش وهو قائد من قواده، فلما انتهى
(٢) (كبعوضة) ليست في "أ".
(٣) (نسل) ليست في الأصل.
(٤) في الأصل: (بأمره).