﴿أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ﴾ أو (١) شيئًا تستعظمونه وترونه أصبر على مر الزمان من الحجارة والحديد. وعن ابن عباس ومجاهد (٢) أنه الموت يوم بدر لا بدّ لكم من العود وإن كنتم عين الموت، وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: المراد به البعث (٣)، ﴿فَسَيُنْغِضُونَ﴾ فسيحركون (٤).
﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ﴾ العامل فيه ﴿عَسَى أَنْ يَكُونَ﴾ أي: يكون العود (٥) وهو البعث يومئذٍ على ما قال عبد الله بن عمرو، ﴿فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ﴾ أي: فتقومون من قبوركم مستجيبين للداعي معترفين بأن (٦) الله هو الإله الواحد المعبود المحمود في صفاته، ويحتمل أن المؤمنين يشكرون الله يومئذٍ ويحمدونه فيتلقف ذلك منهم المشركون لا يهتدون إلى كلام غير ذلك حالة البعث من شدة الهول، ﴿وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا﴾ لمكان (٧) شدة الهول ينسون عذاب القبر، ويحتمل لمكان الرقدة التي بين خراب الدنيا وقيام الآخرة ومدتها على ما روي أربعون سنة، ولا يبعد أن يكون المراد يوم بدر ألقى في قلوبهم من همة البروز إلى مصارعهم وباستجابتهم خروجهم

(١) في الأصل: (أي).
(٢) أما عن ابن عباس فقد رواه ابن جرير (١٤/ ٦١٦)، والحاكم (٢/ ٣٦٢)، وأما عن مجاهد فذكره القرطبي في تفسيره (١٠/ ٢٧٤).
(٣) ذكره القرطبي في تفسيره عن عبد الله بن عمرو بن العاص لكن قال: المراد به الموت، بدل: البعث.
[تفسير القرطبي (١٠/ ٢٧٤)].
(٤) قاله ابن عباس - رضي الله عنهما - وقتادة، أخرجه الطبري في تفسيره (١٤/ ٦٢٠).
(٥) مذهب أبي البقاء العكبري أن يكون منصوبا لـ"يكون" وهذا المذهب عند من يجيز إعمال الناقصة في الظرف، وجوز بعضهم أن تكون بدلًا من "قريبًا" إذا أعربنا "قريبًا" ظرف زمان، وأما ما ذكره المؤلف أنه منصوب بضمير المصدر الذي هو اسم "يكون" أي: عسى أن يكون العود يوم يدعوكم فقد منعه أبو البقاء، وقال: لأنّ الضمير لا يعمل عند البصريين لكن الكوفيين جَوَّزوا ذلك وأنشدوا قول زهير بن أبي سلمى:
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتمُ وما هو عنها بالحديث المرجم
[الإملاء (٢/ ٩٣)، الدر المصون (٧/ ٣٦٩)].
(٦) في "ب": (أن).
(٧) في الأصل: (المكان).


الصفحة التالية
Icon