فيها، فقيل: إن شئت أن يستأنى بهم لعلنا نتخير منهم وإن شئت أن نؤتيهم الذي سألوا، فإن كفروا أهلكوا كما أهلك من قبلهم فقال -عليه السلام-: "بل أستأني بهم" (١) فأنزل، مقاتل أن عبد الله بن أبي أمية والحارث بن هشام سألا رسول الله (٢) أن يريهما آية مثل آيات الأنبياء قبله فأنزل (٣)، واللفظ مجاز (٤)، وحقيقته: ما منع آياتنا أن تكون مرسلة من عندنا إلا تكذيب الأولين، وفائدة (٥) اللفظ ابتلاء المخاطبين ليتميز العالمون من غيرهم، ﴿مُبْصِرَةً﴾ جلية كقوله: ﴿وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً﴾ [الإسراء: ١٢]، ﴿فَظَلَمُوا بِهَا﴾ فكفروا بها وكذبوا بها أو ظلموا أنفسهم بقتلها، ﴿وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا﴾ أي: لا نرسل الآيات (٦) إليكم أيها الآخرون إلا على سبيل الإنذار والوعظ، والثاني لا نرسل بالآيات الملجئة إلا للتخويف الذي هو الإكراه.
﴿وَإِذْ قُلْنَا﴾ واذكر إذ قلنا، وفائدة التذكير التشبيه بأنهم في قبضته، ﴿وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [النحل: ٩]، واتصالها بما قبلها من حيث ذكر الآيات فإن الرؤيا من جملة الآيات، قال ابن عباس: هي رؤيا عين أريها النبي -عليه السلام- ليلة أسري به إلى بيت المقدس (٧)، ﴿وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ﴾ هي الزقوم نصب بالعطف على الرؤيا (٨) أي. ﴿وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا﴾
(٢) في "ب": (رسول الله صلى الله عليه وسلم).
(٣) لم نجد من ذكره عن مقاتل، وسبب النزول المشهور في الآية ما تقدم عن ابن عباس.
(٤) حمله على المجاز لأنّ الله لا يمنعه شيء، وانظر: القرطبي (١٠/ ٢٤٤)، وإعراب القرآن لمحمود صافي (١٥/ ٧٤).
(٥) في "ب": (وفائدة الأولين).
(٦) في "ب" "ي": (بالآيات).
(٧) البخاري (٣٨٨٨).
(٨) وجَوَّز الفراء الرفع وهي قراءة شاذة كما قال أبو البقاء العكبري قرأ بها زيد بن علي ورفعها على الابتداء بحيث تتبع الاسم الذي في فتنة من الرؤيا ومثله في الكلام: جعلتك عاملًا وزيدًا وزيدٌ.=